يقلق معظم الأهالي من إصابة أطفالهم بأعراض الحمى خصوصاً إذا استمرت لبضع ساعات أو حتى لأيام. ارتفاع درجة الحرارة لدى الأطفال قد يسبب لهم الخمول، وفقدان الشهية، ويشعرون بالانزعاج والعصبية. لمحاربة الخوف من الحمى جهزنا لكِ دليلاً يحتوي أسئلة وأجوبة تساعد في فهم وعلاج ارتفاع درجات الحرارة لدى الأطفال
في هذه المقالة
ما هي الحمى ؟
الحمى هي ارتفاع درجة حرارة الجسم كرد فعل بيولوجي تجاه محفز معين مثل الالتهاب. درجة حرارة الجسم الطبيعية هي 37.2 درجة مئوية، ولكن تختلف هذه القيمة بحسب عمر الطفل وطريقة قياس الحرارة.
بالنسبة للأطفال من الولادة وحتى عمر 3 شهور: تبدأ الحمى من درجة حرارة 38 مئوية فما أكثر.
للأطفال من عمر 3 شهور إلى 3 سنوات: يعتبر الطفل بأنه يعاني من الحمى إذا ما وصلت درجة حرارته ل 39 درجة مئوية أو أكثر.
عند الأطفال في عمر أكبر من 3 سنوات والكبار: الحمى تبدأ إذا ما وصلت درجة حرارة الجسم ل 39.5 درجة مئوية أو أكثر.
أسباب الحمى
أكثر أسباب الحمى شيوعاً هو الالتهاب. وغالباً ما تكون الالتهابات فيروسية، مثل فيروس الزكام العادي. أول أعراض الزكام هي سيلان في الأنف، وألم في الحلق، العطاس والسعال الخفيف، بالإضافة إلى الحمى، والذي قد يستمر من يومين وحتى أربع أيام، والذي سيزول من تلقاء نفسه. لمعرفة المزيد عن الانفلومزا إقرئي دليل الأم لمواجهة موسم الإنفلونزا بنجاح.
من الالتهابات الفيروسية الشائعة والتي تسبب الحمى فيروس التهاب المعدة والأمعاء، فيروس الخناق (الذي يسبب سعالاً خشناً)، ومرض اليد ولقدم والفم أو الطفح الوردي. عندما تصاحب الحمى هذه الالتهابات الفيروسية فلا يتوجب القلق. يجب فقط السيطرة على الحمى باستخدام الأدوية الخافضة للحرارة مثل الباراسيتامول أو/والايبوبروفين وتزويد الطفل بالكثير من السوائل والراحة. كما أن هناك علاجات منزلية تساعد في هذه الحالات سنعرضها بالتفصيل لاحقاً.
إذا استمرت الحمى لأكثر من 3 أو 4 أيام أو إذا كانت هي العرض الوحيد، يجب عرض الطفل على الطبيب للكشف عن أي سبب لهذه الحمى. والذي قد يكون التهاباً في الأذن الوسطى، أو التهاب في اللوزتين، او التهاب الحلق البكتيري، أو التهاب في البول. إذا ما وجدت إحدى هذه الالتهابات فهي تحتاج لعلاج بالمضادات الحيوية، والتي ستعالج الحمى المصاحبة للالتهاب كذلك.
نحن الآن في بداية موسم الانفلونزا. الانفلونزا مرض فيروسي تسبب أعراض مشابهة لأعراض الزكام العادي بالإضافة إلى حمى شديدة. إذا تم تشخيص الانفلونزا في أول 48 ساعة يمكن علاجها بأدوية مضادة للفيروسات لتقصير مدة المرض، وحدة الأعراض وخطر احدوث أي تعقيدات.
قياس حرارة الأطفال
أكثر طرق قياس الحرارة دقة في الأطفال من الولادة وحتى عمر ثلاث شهور هو استخدام ميزان الحرارة الشرجي. هذه الطريقة قد تكون مزعجة والكثير من الأهالي يترددون باستخدام هذه الطريقة، حيث توجد طرق أسهل بكثير وتعطي نفس النتيجة الدقيقة.
الطريقة التي يفضلها أغلب الأهالي هي طريقة ميزان الحرارة الخاص بالأذن، إذا ما تمت طريقة القياس هذه بشكل صحيح فهي قريبة جداً لدرجة حرارة الجسم الأساسية، بفارق نصف درجة فقط، أنصح باستخدام هذه الطريقة من الولادة وحتى عمر 3 سنوات.
عند الأطفال الأكبر سناً، ميزان الحرارة الفموي الذي يوضع تحت اللسان يعطي نتائج أكثر دقة لدرجة حرارة الجسم الأساسية. بالرغم من ذلك لا زلت استخدم ميزان الأذن حتى مع مرضاي الأكبر سناً ومع أطفالي أيضاً، لسرعته وسهولته.
نقطة مهمة جداً يجب تذكرها وهي أن درجة حرارة الطفل الرضيع تختلف بشكل كبير باختلاف البيئة المحيطة. وذلك لأن الرضع وحتى أن يبلغوا عمر الثلاث سنوات، وخصوصاً في أول ثلاث شهور من حياتهم، لديهم نسبة أعلى من تناسب المساحة مع الحجم، فلذلك باستطاعتهم امتصاص الكثير من الحرارة من حولهم كما يمكنهم أن يخسروا الكثير من الحرارة لبيئتهم المحيطة. قد يتسبب ذلك بقراءات خاطئة فتكون درجة الحرارة إما مرتفعة جداً أو منخفضة جداً. إذا كان طفلك دافئاً ولكنه يتمتع بصحة جيدة، وكانت درجة حرارته مرتفعة على ميزان الحرارة جربي التخفيف من طبقات الملابس التي يرتديها وأعدي قياس درجة حرارته مجدداً بعد 10 دقائق، ستجدين أنك ستحصلين على درجة حرارة مقاربة للطبيعية والتي ستكون هي الأدق.
علاج الحمى
إذا كان طفلك يعاني من ارتفاع طفيف في درجة الحرارة، (بين 37.5 و38.5 درجة مئوية) مصاحبة لعدة أعراض للزكام، مثل سيلان الأنف والسعال الخفيف ويبدو بحالة جيدة، لا يوجد حاجة طبية لإعطائهم دواء خافض للحرارة مباشرةً. هذا الارتفاع الطفيف في الحرارة هو أحد طرق الجسم في الدفاع عن نفسه من الالتهاب الفيروسي. إذا كانت درجة الحرارة أعلى يصاحبها الخمول والألم، فمن المعقول إعطاء طفلك دواء للتقليل من هذه الأعراض. أكثر الأدوية شيوعاً لخفض الحرارة هما الباراسيتامول والأيبوبروفين. يمكن إعطاء البابرسيتامول كل 4 ل 6 ساعات لغاية أربع مرات يومياً، والأيبوبروفين كل 6 ل 8 ساعات لغاية 3 مرات يومياً. أغلب حالات الحمى يمكن علاجها فقط بالباراسيتامول، ولكن غالباً، تعود الحرارة بسرعة(خلال 4 ساعات) فلا يمكنك إعطاء الجرعة التالية من الباراسيتامول، في هذه الحالة من الأفضل التبديل بين الدواءين الباراسيتامول والأيبوبروفين.
كما ذكرنا سابقاً يتأثر الأطفال بالحرارة المحيطة أكثر من الكبار، فأي طريقة خارجية لخفض الحرارة ستقلل من الحمى، لا تقومي تغطية طفلك الذي يعاني من الحمى حتى لو كانت يديه أو قدميه باردتين، فذلك سيزيد من حرارة الجسم وسيؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الجفاف أو التشنجات الحموية.
وضع الطفل في حوض استحمام يحتوي ماء فاتر سيساعده على الشعور بالدفء خاصة في يديه وقدميه الباردتين، وفي نفس الوقت ستنخفض درجة حرارة جسمه بسبب توزيع أفضل للدم وتبخر مياه الحوض من على جلدهم. إذا كان طفلك يعاني من حمى شديدة أعطيه جرعة من الدواء الخافض للحرارة وضعيه في الحوض لحين أن يحدث الدواء مفعوله.
من العلاجات المنزلية الفعالة هو مسح الجسم بإسفنجة وماء فاتر (خصوصاً للأطفال الذين يجدون صعوبة في الاستحمام أثناء المرض). الإسفنجة المبللة بماء فاتر وقليل من الخل، من العلاجات المنزلية الشائعة أيضاً بسبب انخفاض حرارة تبخر الخل فهو يمتص الحرارة من الجسم، فهو يمتص الحرارة من الجسم فيخفض حرارته.
تداعيات الحمى
لا تعتبر الحمى بحد ذاتها خطيرة، أخطر عواقب الحمى هو الجفاف، فيخسر الطفل الذي يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة الكثير من السوائل من خلال التبخر والتعرق. تعقيد آخر للحمى والذي يخافه الأهل بكثرة هي التشنجات الحموية. تحدث هذه التشنجات عندما تقوم الحرارة المرتفعة بتغيير مؤقت في النبضات الكهربائية في النبضات الكهربائية في الدماغ، مما سيتسبب في أن يعاني الطفل من التشنجات. هذه التشنجات شائعة في الكثير من الأطفال فإذا تعرض الطفل لتشنج سيكون عرضة لتشنج آخر. هذه التشنجات غير مرتبطة بالصرع ولا تزيد احتمالية الإصابة بالصرع في المستقبل. أنصح أهالي الأطفال الذين سبق وتعرضوا لتشنجات حموية أن يراقبوا ارتفاع درجات حرارة أطفالهم، والبدء بخفض الحرارة عند درجات أقل من الموصي بها.
الوقاية والعلاج
دائماً ما يطرح الأهالي هذا السؤال، الوقاية من الالتهابات يقي من الحمى كذلك ولكن ذلك أسهل قولاً منه فعلاً. الالتهابات الفيروسية الخطيرة والتي يوجد تطعيمات للوقاية منها مثل شلل الأطفال والحصبة والجدري، يمكن الوقاية منها عن طريق الحصول على المطعوم حسب الجداول الموصي بها. أما الحمى التي تحدث بسبب فايروسات أخرى مثل فايروس الزكام العادي، لا يمكن الوقاية منها بعد الإصابة بالفايروس. يمكننا اتخاذ إجراءات لحماية الطفل من هذه الفايروسات، ولكن إذا ما أصيب الطفل فيجب علاج الحمى عن طريق الطرق المقترحة سابقاً.
لكثرة الأمراض والالتهابات التي يتعرض لها أطفالنا منذ يوم ولادتهم أصبحت الحمى عرض عادي يجب على الأهالي التعامل معه. أغلب أنواع الحمى غير خطيرة ويمكن تفسيرها والسيطرة عليها بسهولة. مع ذلك هناك بعض حالات الحمى التي يجب أن يفحصها طبيب الأطفال، خاصة لدى الأطفال الأصغر من 3 شهور وحتى الأكبر سناً والذين لا يعانون من أعراض أخرى.
أتمنى أن يساعد هذا المقال الأمهات والآباء الذين يرزقون بطفلهم الأول، في قياس درجة حرارة أطفالهم واتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية منها. سوف نلقي نظرة عن قرب في مقال لاحق قريباً.