في البحث المستمر للإنسان عن السعادة، إليك هذه المفاجأة: السعادة مرتبطة ارتباطا وثيقا بوجود مشكلة! هل تذكرين ذلك الإحساس الذي شعرتيه عندما حللت مشكلة كبيرة أرقتك لفترة طويلة: إنه الإحساس بالسعادة والارتياح وكأنك ملكت الدنيا! فالسعادة هي الشعور الذي تشعرين به عند حل المشكلات
لست ذكيا، ولكنني أبقى مع المشكلات فترة طويلة!
ألبرت اينشتاين
المشكلات هي جزء أساسي من حياتنا فمن اليوم الأول لولادتنا ونحن نواجه مشكلات نسعى لإيجاد الحلول لها: فالطفل الرضيع مشكلته هي الجوع والإحساس بالألم ثم تنمو المشكلات مع نمو الإنسان وتختلف باختلاف مراحله العمرية فعندما يكبر الرضيع ستكون أكبر مشكلاته هي المحاولة على المشي وسيظل يحاول ويقع ويحاول حتى يستطيع المشي بنفسه وقد يعتقد أن أكبر مشكلاته قد حلت والحياة فتحت له أبواب السعادة والراحة، ولكن هل هذا صحيح؟؟
ولذلك فإن الإنسان السعيد ليس الذي تخلو حياته من المشكلات، ولكن الذي يكون لديه القدرة على حلها بشكل فعال.
ولما كانت السعادة هي هدفنا جميعا وإذا كان سر السعادة ببساطة هو إيجاد حلول المشكلات لماذا نجد الكثيرين يقفون عاجزين أمام المشكلات؟ ويرون أنه لا يوجد حل ويعلقون في دوامة العجز والشكوى؟
في الحقيقة لا يوجد معادلة ثابتة لحل المشكلات، ولكن يوجد أساسيات مهمة لذلك، في هذا المقال سأشرح ببساطة هذه الأساسيات و ما هي الأمور التي تساعدك و تلك التي لا تساعدك على تحقيقها:
الأخطاء في التعامل مع المشكلات
–الشكوى من أجل الشكوى فقط
وهي من تقضي يومها تتكلم وتتذمر للجميع من أفراد العائلة والعمل وحتى مواقع التواصل الاجتماعي بدون أن يكون لديها نية حقيقية في فعل خطوات جادة في طريق الحل فهي فقط تريد إثبات أنها ضحية وأن تستعطف من حولها وتظل تلوم الظروف والأشخاص، وهذا يختلف عن الفضفضة والتنفيس الذي قد تحتاجينه مع صديقة تسمعك وتتعاطف معك وتساعدك.
علميا عقلية الشكوى غير مساعدة على الحل على الإطلاق!
–التجاهل والتأجيل
تجاهل المشكلة لن يجعلها تختفي، بل ربما سيجعلها تتضخم وتؤثر على حياتك بشكل أكبر مما سيجعل حلها أصعب
وخسائرك أكبر!
–الافتراضات المسبقة
مثلا:
-سأفشل كما فشلت سابقا
-الجميع سيحاربني ولن أستطيع
-هذه مؤامرة (أنا مش قدها)
-كل الناس هكذا وكل الأبناء هكذا
هذا حديث نفس سلبي لن يساعدك (ربما تقنعين نفسك أن هذه الافتراضات تساعدك وتحميك) ليس له أساس من الصحة استبدليه بالأسئلة الإيجابية لتجميع الحقائق التي ستفيدك للحل
–الرفض والمقاومة
يعني أن تكوني داخليا ترفضين الذي حصل وغير مقتنعة بحدوثه (لديك الرفض من صفة معينة في زوجك أو رفض لحدث عائلي غير سعيد أو رفض لانتقالك لبلد جديد وغيرها)
الرفض يستنزف من طاقتك ويورث الحزن والعجز ولن يساعدك على الوصول لحل والبديل هو قبولك لما حصل!!
والقبول ليس الاستسلام ولا الموافقة على أمر يختلف عن اعتقاداتك وقيمك، لتوضيح الفرق بينهما: تخيلي أنك في قاعة امتحان واستلمت ورقة الأسئلة ولم تعجبك فظللت تقولين أن الأسئلة صعبة ولا أريد أن أحلها فماذا ستكون النتيجة؟ أكيد عدم النجاح بينما القبول يكون في أنك تستلمي الأسئلة وتوافقين على استلامها وتبدئي في حلها، حتى لو كانت صعبة
خطوات تساعد على حل المشكلات
-أخذ موقع المسؤولية
هذه حياتي وهذا امتحاني وأنا المسؤولة عن حل مشكلاتي بنفسي
-تغيير الطريقة التي تنظرين بها إلى المشكلة
قد تكونين فعلا لا تستحقين ما حصل وقد تكون الحياة غير عادلة معك، ولكن هذه النظرة والتفكير بأنك ضحية الظروف ولوم الغير لن يفيدك أبدا، بل بالعكس قد يجعل دماغك يضخم المشكلة ويصعب الحل عليك.
انظري إلى المشكلة بنظرة أكثر توازنا وإيجابية بدلا من: مصيبة وكارثة فليكن: تحدي جديد أو فرصة للاستفادة والخبرة
-المرونة وعقلية النمو
تقبلي الأفكار الجديدة وفكري بأمور وسبل لم تفكري بها من قبل حتى لو كانت مختلفة عن اعتقاداتك وثقافتك، لا أقول لك أن تأخذي قرارا لا تؤمنين به بل أقول أن توسيع نطاق التفكير يأتي معه أفكار مبتكرة.
خطوات حل المشكلات
1-اسألي نفسك: هل هي حقا مشكلة؟
قد يبدو السؤال غريبا، ولكن في بعض الأحيان فيضان المشاعر لدينا يجعلنا نتخيل وجود مشاكل غير حقيقية، اجلسي في مكان هادئ واسترخي واسألي نفسك: بعد سنة من الآن و بالنظر إلى الماضي هل هذه المشكلة ستكون أمرا مهما إن فكرت بها؟
وإن كانت الإجابة نعم: ما مدى أهميتها في حياتي؟
2-حددي المشكلة الحقيقية
-اكتبي ما هي المشكلة وفرقي بينها وبين المشاعر: فإذا رأيت أن مشكلتك هي القلق أو الحزن فهذه ليست المشكلة، بل النتيجة وابحثي عن المشكلة الحقيقية التي تسبب لك هذا الشعور
-اكتبي الحقائق المتوفرة وليس آرائك ومشاعرك: دين يجب تسديده، مهارة يفتقدها ابني، خلاف بيني وبين صديقتي
وكوني محددة في الكتابة لتحديد نمط مسبق، هل هي مشكلات متكررة؟ هل يعني هذا شيئا أنا أقوم أو لا أقوم بفعله ولذلك تتكرر هذه المشكلة؟؟
-قسمي المشكلة الكبيرة إلى مشكلات صغيرة فذلك يساعدك أكثر على التفكير
3-حددي الهدف الذي تريدين الوصول إليه
استقرار في العلاقة مع زوجك، راحة نفسية، ابن واثق من نفسه. كوني منطقية وواقعية
4-التفكير بالحلول
بطريقة العصف الذهني اكتبي كل الحلول التي تخطر على بالك بدون أن تحكمي عليها، حتى لو كانت حلول سخيفة وغير ممكنة فقط اكتبيها، يمكنك كتابة عشرين و ربما ثلاثين حلا منها غير المنطقي ومنها المستحيل و لكن فقط اكتبيها، احتمالية الحصول على حل جيد تزيد عندما يكون لديك عدة حلول تختاري منها.
5-استشارة أهل الخبرة الذين تثقين بهم (ليست مجموعات التواصل الاجتماعي)
6-أخذ القرار
تذكري أن الهدف هو أخذ القرار الأفضل وليس القرار المثالي، لو كان القرار المثالي واضحا لكان اختياره سهلا من البداية، ما هو القرار الأفضل في الظروف والأوضاع الحالية
7-اعرفي ما الذي تحتاجينه للتطبيق
مساعدة من شخص بخبرة معينة، تخطيط منظم، فرض قوانين حازمة، تعلم مهارة جديدة، وربما الوقت والصبر!
8-التطبيق
ومن الأشياء المساعدة أن يكون لك صديق يتابع معك فهذا يساعدك على الالتزام وعدم التهرب
9-استشعار الفرحة بالحل!
نعم افرحي وكافئي نفسك ولا تقللي من قيمة إنجازك
10- معرفة الدروس والخبرة التي تعلمتيها من هذه التجربة وكيفية الاستفادة من ذلك في حياتك في المستقبل
وهي الخطوة الأهم برأيي.
عزيزتي إذا كنت ستكتبين سيرة ذاتية لمهارتك الحياتية فإن الخبرات المكتوبة والتي تقيس نجاحك وتميزك هي طريقتك في حل المشكلات ومواجهة التحديات في رحلتك، انظري للمشكلات وكأنها فرص ذهبية ستزيدك رفعة وخبرة وعلما وتميزا وسعادة.
تعرفي على خمس كتب في تطوير الذات أنصح بقراءتها