تمر أمهات طلاب المرحلة الثانوية بفترة من الحيرة والتوتر، عندما يقترب أبناؤهم من مرحلة التخرج من المدرسة، وتبدأ رحلة التقديم للالتحاق بالجامعات. وتبدأ الأسئلة: ما هو التخصص الجامعي الأفضل؟ كيف نختار الجامعة الأفضل؟ ما هي خطوات تسهيل القبول الجامعي؟ كيف يمكن تحصيل منح دراسية؟ الإجابات وأكثر في هذا الدليل المفصل عن القبول الجامعي
ما هي أفضل التخصصات الجامعية؟
عادة عندما يطرح هذا السؤال تكون الإجابة المتوقعة ما هو التخصص الذي سييسر لابني أو ابنتي وظيفة براتب مرتفع!
في الحقيقة وبالرغم من وجود العديد من الدراسات التي قد تعطي مؤشرات عن أكثر مهن مطلوبة في المستقبل القريب، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها لاختيار التخصص الجامعي الأنسب لأبنائنا وذلك للأسباب التالية:
-تغطي هذه الدراسات عادة منطقة جغرافية معينة، وفي الأغلب لا يمكن تنبؤ أين سينتهي المطاف بأبنائنا بعد التخرج من الجامعة.
-لا تأخذ هذه الدراسات والتنبؤات بعين الاعتبار التغيرات غير المتوقعة مثل الأوبئة، أو الحروب. فهل كنا نتخيل جلوس الطيار والمهندس والمبرمج في بيوتهم بسبب إغلاقات جائحة كورونا، بينما تصبح وظيفة موظف التوصيل من أهم الوظائف!
-حتى وإن كانت هذه الدراسات دقيقة وصادقة لا يمكن إجبار الطالب اختيار تخصص معين للعمل في مهنة معينة بعيدة عن مهاراته وميوله وشغفه. فمثلاً إذا أشارت الدراسات إلى أن مهنة الطب أو برمجة الحاسوب من أهم مهن المستقبل بينما ابنك متفوق في اللغات أو الفنون أو الفيزياء، هل يعني ذلك أن يترك شغفه والمجالات التي يتفوق بها لاتباع دراسة مستقبلية؟ أو ليعمل بمهنة لا يحبها لمجرد جني الكثير من المال؟ تذكري أن هذا الكوكب أمانة بين يدينا وهو لا يحتاج للمزيد من الأثرياء بل للمزيد من الأشخاص الذين سيجعلون منه مكاناً أفضل.
سر النجاح
لا يكمن سر التفوق الأكاديمي والمهني باختيار تخصص جديد، أو تخصص مطلوب أو مجال من المتوقع أن يزيد عليه الطلب بالمستقبل. يمكن تحقيق النجاح والتفوق الأكاديمي والمهني من خلال:
– اتباع الشغف
شجعي ابنك أو بنتك على اختيار تخصص جامعي، يسمح لهم باتباع شغفهم، والعمل في مجال يحبونه. فذلك سيضمن لهم التفوق والتميز والنجاح.
-الاستثمار بنقاط القوة
إذا كانت درجات ابنك مرتفعة جداً في مادة الحاسوب أو الفيزياء أو اللغة الإنجليزية، من غير المجدي إجباره على الالتحاق بكلية الطب لمجرد أنك تريدينه أن يصبح طبيباً يجني الكثير من المال. فالأفضل هو توجيهه نحو تخصص يمكنه من خلاله استخدام نقاط قوته ليتفوق ويبدع.
–الاجتهاد
من المهم عزيزتي الأم ألا تنسي دورك كمربية وموجهة، وفي هذا الجانب ستترتب عليك مهام غير اختيار التخصص الجامعي لأبنائك بنفسك. بل سيتوجب عليك دعم أحلامهم، وتشجيع شغفهم، وتذكيرهم بأن أي تخصص وأي مهنة سيمتهنونها بالمستقبل من المهم أن يجتهدوا ويخلصوا فيها. وبالتالي سيكون النجاح مؤكداً وحتمياً.
ما هي أفضل الجامعات؟
تماماً كما في حال اختيار أفضل مدرسة لا يوجد إجابة واحدة مناسبة للجميع! حيث يعتمد اختيار الجامعة على عدة عوامل أهمها:
-العامل المادي
تكلفة الدراسة الجامعية مرتفعة في الكثير من البلدان، لذلك من المهم تقليص الخيارات على الجامعات التي يمكن لأسرتك تحمل كلفتها دون عناء، أو تلك التي تقدم منح دراسية سخية.
-العامل الجغرافي
هل الجامعة في نفس المدينة أو البلد الذي تقيمون به؟ هل ابنك أو ابنتك مستعدين للدراسة بعيداً عن أسرتهم؟ هذا العامل مهم وأساسي في اختيار الجامعة، فمن المهم اختيار الجامعة الأنسب لشخصية الطالب، حتى وإن كانت الجامعة الأولى على مستوى العالم، وكان الطالب غير مستعد للإقامة بمفرده بعيداً عن أسرته، فهي لن تكون مناسبة له في الوقت الحالي. ويمكن اختيارها لاحقاً لإكمال الدراسات العليا عندما يكون الطالب أكبر سناً وأكثر نضجاً.
-توافق الجامعة مع الطالب
قبل الغرق في التصنيفات العالمية، وترتيب الجامعات وما يتعلق بها من تفاصيل عديدة. من المهم التعرف على الجامعة عن قرب والبحث عن كل ما يتعلق بالمحيط الأكاديمي والاجتماعي فيها، ومعرفة ما إذا كان يناسب الطالب وشخصيته. فمثلا قد تكون الجامعة ذات تصنيف متقدم جداً، ولكن الجو الأكاديمي فيها ذو تنافسية عالية وهناك ضغط كبير على الطلاب من الناحية الدراسية. فإذا كان ابنك لا يحتمل هذا النوع من الضغط فهذه الجامعة حتماً ليست الأفضل له. كذلك الحال بالنسبة للجو الاجتماعي، هل يوائم شخصية ابنك أو ابنتك؟ هل يوائم معايير أسرتكم التربوية؟ هذه الأسئلة يجب طرحها قبل اختيار الجامعة لأنه من الأساسي التركيز على أن الطالب سيقضي أربع أو خمس سنوات في هذه الأجواء، بدلاً من التركيز فقط على أنه سيصبح خريج هذه الجامعة أو تلك!
خطوات تسهيل القبول الجامعي
1-تحديد التخصص
بعد أن تعرفي شغف طفلك، وتسعي للاستثمار بنقاط قوته، عرفيه على تخصصات مختلفة يمكنه من خلالها تحقيق شغفه، والإبداع فيه من خلال استغلال نقاط قوته. يمكن التعرف على هذه التخصصات من خلال زيارة المعارض المهنية والجامعية التي تقام خلال السنة، والتي تتواجد فيها الجامعات والشركات وغيرها من أصحاب الأعمال. حيث يمكنكم معرفة المزيد عن مختلف التخصصات الجامعية والمهن.
2-تحديد الجامعات
بعد تحديد التخصص يمكن حصر خيارات الجامعات التي تقدم هذا التخصص بحسب الأفضلية المادية والجغرافية، وموائمة الجامعة لشخصية الطالب. لا يمكن الإبحار في رحلة القبول الجامعي من خلال التقديم لكل الجامعات في كل البلدان يجب أن تحتوي القائمة الطويلة على ما لا يزيد عن عشر جامعات. وأن تحتوي القائمة القصيرة (التي تحتوي الجامعات المفضلة والتي يملك الطالب فرصة أكبر في تحصيل قبول فيها) على ما لا يزيد عن خمس جامعات.
3-معرفة متطلبات القبول
لكل بلد ولكل جامعة متطلبات قبول خاصة بها، لذلك يجب الاطلاع عليها مبكراً والاستعداد لتحقيقها قبل مواعيد التقديم النهائية والتي تختلف من جامعة لأخرى. فبعض الجامعات تشترط امتحانات لغة معينة أو غيرها من المتطلبات التي على الطالب تحقيقها ليتسنى له تقديم طلب الالتحاق.
النشاطات اللاصفية وتأثيرها على القبول الجامعي
يكثر الحديث عن أهمية النشاطات اللاصفية وإدراج أكبر عدد منها في ملف القبول الجامعي لتحسين فرص الطالب في تحصيل قبول في جامعة ذات تنافسية عالية، أو لتحصيل منحة دراسية. وهو في الحقيقة أمر صحيح، ولكن يجب التنويه لبعض النقاط:
-البدء مبكراً
إذا كنت تقرئين هذا المقال وابنك لا يزال في الصف التاسع أو العاشر، شجعيه على الالتحاق بنشاطات إضافية سواء كانت رياضية، أو فنية أو اجتماعية منذ الآن. وشجعيه على الاستمرار فيها حتى التخرج من المدرسة. حيث أنها ستثري ملف قبوله الجامعي بشكل إيجابي. أما إذا كان ابنك في الصف الثاني عشر فالأولى أن يركز على تحصيله الأكاديمي فهو الأهم في هذه المرحلة.
-تحديد الهدف
يمكن التركيز على هذه النشاطات إذا كان الهدف هو تحصيل منحة تفوق فني أو رياضي، وإذا ما كانت الجامعات التي سيتقدم لها ابنك تقدم مثل هذه المنح أم لا. أما إذا كان ابنك أو ابنتك سيتقدمون لجامعات لا تأخذ هذه النشاطات بعين الاعتبار، فلا داعي لزيادة التوتر لديك ولدى أبنائك بسبب هذه النشاطات.
-الاستمرارية
الهدف من تسليط الضوء على هذه النشاطات من قبل بعض الجامعات، هو معرفة ما إذا كان الطالب يملك موهبة ستثري الجامعة وتفيدها. مثلاً ما إذا كان هذا الطالب متفوق رياضياً فيصبح عضواً فعالاً في فريق الجامعة في رياضة معينة فيساعدها على كسب البطولات العديدة. أو ما إذا كان الطالب متفوق فنياً في مجال ما فسيثري معارض الجامعة ومهرجاناتها الفنية بإبداعاته. لذلك من العبث السعي وراء انضمام الطالب في الصف الثاني عشر، أي في آخر مرحلة قبل التقدم للجامعات، حيث يكون مشغولاً بأهم سنة دراسية، وحيث يكون التحصيل الأكاديمي هو الأهم بنشاطات جانبية لن تكسبه أي خبرة ولن تكون ذات أهمية كبيرة في ملف القبول الجامعي.
كيف يمكن تحصيل منح دراسية؟
هناك العديد من فرص المنح الدراسية والتي تغطي أحياناً جزء، أو كامل نفقة الدراسة الجامعية. بعد تحديد الجامعة والتخصص الدراسي، من المهم البحث وتحديد المنح المتاحة ومعرفة شروطها. عادة يكون التقديم لهذه المنح في وقت مبكر في مرحلة التقديم الجامعي، لذلك عليك الانتهاء من البحث مبكراً ومعرفة متطلبات كل منحة والسعي لجمعها لتجهيز ملف المنحة قبل الموعد النهائي.
قد تكون المنح على أساس تفوق أكاديمي أو رياضي، أو فني، أو قد تكون على أساس الحالة المادية للأهل. ولكل من هذه المنح شروط تقديم دقيقة يجب التعرف عليها وتحقيقها للحصول على المنحة.
الخلاصة
قد يبدو مشوار القبول الجامعي والتقديم للجامعات معقداً للوهلة الأولى، ولكن بعد ترتيب الأولويات والبحث المستفيض تضح الأمور ويصبح تطبيق الخطوات أسهل بكثير. ويمكن دائماً الاستعانة بالمستشارين الأكاديميين والمختصين بشؤون الجامعات للحصول على المشورة والتوجيه الصحيح. وهي الخطوة الأسلم والبديل الأفضل عن الاعتماد على تجارب الآخرين.
احرصي على لعب دور الداعم والمساند، بدلاً من دور المسيطر على مستقبل أبنائك. امنحيهم دفة القيادة وكوني بجانبهم لتوجيههم وحمايتهم وتقديم النصيحة الأفضل. وتذكري أن الأهم هو أن يحققوا أحلامهم وأن يقضوا سنوات الدراسة الجامعية في تخصص يمكنهم الابداع والتفوق به، وفي جامعة ذات جو يلائمهم. بدلاً من التركيز على اسم الجامعة التي ستكون على شهادة التخرج أو على الراتب المتوقع لهم بعد التخرج.
اقرئي أيضاً كيف أساعد طفلي المراهق على اختيار التوجه الدراسي المناسب؟