نظام البكالوريا الدولية IB من أنظمة التعليم الأجنبية الواسعة الانتشار في الدول العربية وفي العديد من دول العالم. وهناك إقبال متزايد من الأهل على تسجيل أطفالهم بهذا البرنامج الدولي.
وهنا يجدر بنا التساؤل: بماذا يتميز نظام البكالوريا الدولية عن غيره من أنظمة التعليم الأجنبية؟ وهل هو فعلاً أفضل هذه الأنظمة على الإطلاق؟
في هذه المقالة
ما هو نظام البكالوريا الدولية IB؟
البكالوريا الدولية نظام تعليم دولي يطبق في أكثر من 150 دولة حول العالم، يقدم منهجاً شاملاً يتوافق مع نهج العولمة وتوسيع المعرفة لدى الطلاب من عمر الروضة حتى التخرج من المدرسة. يهدف برنامج البكالوريا الدولية إلى تعزيز مهارات التفكير النقدي، والبحث عن المعلومات، والاستقلالية في التعلم. بالإضافة إلى تقوية مهارات التواصل الشفهية والمكتوبة. كما يسعى البرنامج إلى تغطية العديد من العلوم والمعارف بأسلوب حديث دائم التطور. إلى جانب تعريف الطلاب بالعديد من المواضيع والقضايا المعاصرة.
مراحل التعليم في نظام البكالوريا الدولية
برنامج الصفوف الابتدائية Primary Years Programme (PYP)
وهو البرنامج الذي يقدم التعليم للطلاب من عمر 3 حتى عمر 12 سنة. يتميز نظام التعليم في هذه المرحلة أنه متمركز حول الطالب واحتياجاته وقدراته. كما أنه يشجع الطالب على تحمل مسؤولية التعلم من خلال تحفيزه على البحث عن المعلومة. وفي هذا الجانب هناك تشابه كبير بين برنامج IB في المرحلة الابتدائية ونظام منتسوري في التعليم.
برنامج الصفوف المتوسطة Middle Years Programme (MYP)
وهي المرحلة المخصصة للطلاب من عمر 11 إلى 16 سنة في مدارس نظام IB. يتمحور إطار عمل منهج برنامج الصفوف المتوسطة في نظام البكالوريا الدولية حول تشجيع الطلاب على الربط بين المعارف التي يحصلون عليها في المدرسة والعالم الحقيقي. حيث يعمل الطلاب في هذه المرحلة على تقديم العديد من المشاريع البحثية بالإضافة إلى كتابة المقالات، وتقديم امتحانات في عدة مواد مختلفة ومتنوعة تجمع بين اللغات والتربية البدنية والرياضيات والعلوم، والفنون والتصميم بالإضافة إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية. ويسعى البرنامج في هذه المرحلة إلى تعزيز المزيد من الاستقلالية بالتعلم، مع تشكيل تفكير الطالب بحيث يكون مطلعاً على ما يجري في العالم، بالإضافة إلى تركيز استثنائي على الخدمة المجتمعية من خلال تشجيع الطلاب على التطوع والاهتمام بالقضايا المجتمعية المختلفة.
برنامج دبلوم البكالوريا الدولية (IB) Diploma Programme (DP)
لعل هذا البرنامج هو الأشهر بين جميع برامج نظام البكالوريا الدولية حيث أنه مخصص للطلاب من عمر 16 إلى 19 سنة، مع التركيز على تطبيق المنهج خلال السنتين الأخيرتين من وجود الطالب في المدرسة أي الصف 11و12، إذ يستعد الطلاب في هذه المرحلة للامتحانات ومتطلبات التخرج والتقديم للجامعات.
يتوزع منهج دبلوما البكالوريا الدولية على ست مجموعات من المواد المدرسية، والهدف من هذا التوزيع هو توسيع مدارك ومعارف الطالب المقبل على التخرج من المدرسة، بالإضافة إلى تدريب الطالب على التعامل مع التحديات الدراسية من خلال تنويع المحتوى الدراسي المطلوب.
هناك تركيز كبير خلال هذه السنوات على كتابة الأوراق البحثية، والتقارير، والمقالات. بالإضافة إلى مشاريع تتعلق بالخدمة المجتمعية، والنشاط الرياضي والإبداعي. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تخصص محدد خلال هذه السنوات، حيث يتلقى الطالب تعليماً في مواد إنسانية واجتماعية، ولغات أجنبية، ورياضيات، وعلوم، وفنون. تتميز هذه الفترة بالكثير من العمل الجاد والمجهود الدراسي غير المسبوق الذي يقع على عاتق الطالب للتوفيق بين المتطلبات الكثيرة للتخرج من برنامج دبلوما البكالوريا الدولية. وفي حين يجده الكثير من الطلاب ممتعاً ومفيداً يعاني آخرون من صعوبة التركيز على جميع هذه المتطلبات المختلفة، وإنجاز المتطلبات اللازمة للتخرج في الوقت نفسه، خصوصاً إذا كان الطالب منخرطاً في نشاطات رياضية أو نشاطات لا منهجية أخرى.
يضاف إلى ذلك بأن التنوع الكبير في المتطلبات المطروحة الذي يبدو أنه مناسب للكثير من الطلاب قد يشكل تحدياً كبيراً للطلاب الذين ليس لديهم أي اهتمام بالفنون، أو في تعلم اللغات الأجنبية، أو العلوم الإنسانية، ويفضلون بدلاً عنها حل معادلات الرياضيات ومسائل الفيزياء والتعلم عن تصنيع الروبوتات أو برمجة الحاسوب على سبيل المثال؛ لذلك من المهم جداً قبل اختيار هذا البرنامج معرفة ما إذا كان ملائماً لشخصية الطالب وأسلوبه في التعلم، وفيما لو كان يتماشى مع ميوله المعرفية وخططه المستقبلية من حيث التخصص الجامعي الذي يرغب في دراسته، والمسار المهني الذي يسعى إليه.
هل نظام البكالوريا الدولية هو الأفضل فعلاً؟
تبين المعلومات التي استعرضناها سابقاً مزايا عديدة لبرنامج البكالوريا الدولية تجعل منه برنامجاً أكاديمياً حديثاً يغطي العديد من المعارف ويعزز الكثير من المهارات لدى الطالب.
ولكن وقد يبدو هنا السؤال مشروعاً: فهل هو البرنامج الوحيد الذي يقدم هذه الميزات؟
في الحقيقة وبالرغم من أن المدارس عادة لا تروج لمنهج التعليم الأمريكي أو منهج التعليم البريطاني على أنها برامج تشجع البحث العلمي والتعلم المستقل، إلا أن الكثير من المدارس التي تطبق هذين المنهجين تعمل على ذلك بالفعل، دون التخلي عن أساليب التقييم المستمر والامتحانات النهائية، والالتزام بمناهج وكتب مدرسية تخدم الأهداف التعليمية المرجوة.
يمكن القول بأن برنامج البكالوريا الدولية يشجّع طالب المرحلة الثانوية على كتابة الأبحاث، والمقالات المستفيضة حول مواضيع مختلفة، وتعدّ هذه مهارة مهمة ومفيدة للدراسة الجامعية، إلا أنه، وعلى الرغم من ذلك، لا يعدّ البرنامج الوحيد الذي يشجّع الطلاب على ذلك، إذ يمكن للطلبة الملتحقين بالبرنامج الأمريكي ممن اختاروا تقديم امتحانات AP اختيار المواد التي تتطلب كتابة الأبحاث والمقالات، وكذلك الحال بالنسبة إلى طلبة البرنامج البريطاني حيث استحدث مجلس الامتحانات الثانوية البريطاني Cambridge امتحان IPQ وأضاف مجلس Edexel امتحان EPQ اللذين يعتمدان بشكل أساسي على تقييم القدرات البحثية والكتابية والدراسة المستقلة لدى طالب المرحلة الثانوية.
وبناء على ذلك، في إذا كنت مازلت تبحثين عن المدرسة المناسبة لأطفالك من المهم أن تضعي قائمة بالمميزات التي ترغبين أن تكون موجودة في هذه المدرسة، وأن تحددي المهارات التي تودين تعزيزها لدى أطفالك، وحينها سوف تتفاجئين بأن هذه الأهداف والمهارات ستكون متوفرة ومتاحة في مدارس تقدم مناهج دولية مختلفة، حيث أن أسلوب التعليم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمدرسة والطاقم التدريسي والرؤية العامة لهذه المدرسة، أكثر مما هو مرتبط بالمنهج الدولي المطبق.
هل فرص قبول خريجي دبلوما البكالوريا الدولية في الجامعات أكثر من غيرهم؟
يعدّ هذا المعتقد السائد وراء أبرز الدوافع التي تجعل الكثير من الأهل يلحقون أبناءهم بهذا البرنامج الدولي الواسع الانتشار. في الحقيقة أن خريج الـ IB الحاصل على درجات مرتفعة ومعدل دراسي متميز لديه فرصة كبيرة بالفعل في القبول بالجامعات الدولية والمحلية. تماماً كفرص خريجي البرنامج البريطاني والبرنامج الأمريكي والوطني أيضاً الحاصلين على درجات مرتفعة ومعدلات استثنائية.
ومن خبرتي العملية في استقطاب وقبول الطلبة في الجامعة في إحدى الجامعات الدولية، يمكني القول بأنني أعلم أن أي طالب حاصل على درجات مرتفعة، ولديه ملف قبول جامعي غني بالنشاطات، والإنجازات، والخبرات المجتمعية والتطوعية، وكان خريجاً من أي منهج سواء كان وطنياً، أو عربياً أو دولياً يمكنه تحصيل قبول في أي جامعة يرغبها، بل وإذا كانت درجاته استثنائية قد يحصل على منحة تفوق دراسي أيضاً.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ لجان القبول في الجامعات أو موظفي القبول والتسجيل لن يقوموا بمنح أي طالب مقعداً جامعياً بناءً على البرنامج الذي تخرج منه، بل، لا بدّ وأن ينظروا إلى الطالب وفق رؤية شاملة تتناول جوانب عدّة تبدأ من التحصيل أكاديمي مروراً بالخبرات والنشاطات، وغيرها. فمثلاً إذا تقدم طالب يحمل شهادة تخرج مدرسي من قرية السنافر وهو حاصل على معدل 99% أو ما يعادله، ولديه ملف قبول غني بالإنجازات والتفوق الرياضي، والإبداعي والتطوعي، وطالب آخر من خريجي البكالوريا الدولية بمعدل 85% أو ما يعادله، دون أن يحتوي ملفّ قبوله على ما يثير الإعجاب أو يلفت الانتباه؛ فإنّه من البديهي أن يحصل خريج مدرسة السنافر على القبول في هذه الجامعة، وقد يحصل على منحة تفوق سخية أيضاً!
الإعفاء من بعض المواد في السنة الأولى في الجامعة
يمكن للطلاب من حملة دبلوما البكالوريا الدولية الحصول على إعفاء من بعض المواد الجامعية في السنة الأولى لدراستهم، إذا كان الطالب قد أنجز هذه المادة في المستوى المتقدم Higher level وحصل فيها على علامة عالية. تختلف العلامة التي تقبلها الجامعة لاحتساب المادة المدرسية كمادة بديلة للمادة الجامعية من جامعة لأخرى.
ميزة احتساب المواد المدرسية كمواد بديلة للمواد الجامعية، متاحة أيضاً لطلاب المنهج الأمريكي الذين امتحنوا مواد AP، وكذلك لطلاب المنهج البريطاني الذين امتحنوا مواد A level وحصلوا على درجات مرتفعة أيضاً.
الخلاصة
برنامج البكالوريا الدولية برنامج تعليمي حديث ودائم التطور، مبني على أسس تعليمية وتربوية حديثة، يعمل على تعزيز العديد من المهارات المهمة لدى الطلاب ويسعى إلى تجهيزهم للحياة الجامعية والعلمية، ويمكن القول بأن هذه الميزات متوفرة لدى العديد من المدارس التي تطبق مناهج مختلفة من برنامج البكالوريا الدولية، وفي الوقت الذي يعدّ فيه برنامج IB فرصة جيدة للكثير من الطلاب، ويسمح لهم بالإبداع والتطور، ولكنه قد لا يكون مناسباً للجميع…، تماماً كأي شيء في الحياة!
فمن المهم، والحال هذه، أن تختاري لطفلك المدرسة الأنسب له ولشخصيته، والتي تتماشى مع فلسفتك التربوية والتعليمية والأهداف التي تسعين إلى تحقيقها في تعليم أطفالك بغض النظرعن نوع المنهج الذي ستختارينه وفيما لو كان الأفضل أم لا؛ فالأجدر، والأكثر أهمية… أن يكون هو الأفضل لطفلك!