انشري سؤالك
العنوان
سؤالك مختصر (اختياري)
اختاري موضوع
تجاهل

لينا أبو سمحة: وحصل ما كنت أخشاه!

لينا أبو سمحة: وحصل ما كنت أخشاه!

في أحد المتاجر وجدت مجموعة ألعاب (خشاخيش) في كيس كبير مضمومة بخيط، تناولتها بكل فرح لأقدمها لجعفر وميريانا  توأمي العزيزان، في حينها كان عمرهما خمسة أشهر، مددتهم على فرشة اللعب وهززت الخشخيشة أمامهما فمد جعفر يداه سريعاً ليتناول مني اللعبة، بينما كانت ميريانا تحرك قدميها، ولم تمد يديها وهي تراقب بعينيها اللعبة، وفجأة تحول شعوري إلى استهجان وبدأت اشعر بالقلق.

أمسكت يدها الصغيرة، ووضعت فيها اللعبة، وأغلقت أصابعها على مقبضها فاخذت تلعب بها بإصبع السبابة لليد الأخرى لتتفحصها.. فكانت من عادتها او هذا ما اعتقدت حينها تفحُّص الألعاب بإصبع السبابة، كما أنها عادةً ما تمد يدها اليسرى  لي عندما ألوح لها بلهايتها، و عادة ما تغلق يديها وخوفاً من أن تكون طفلتي بخيلة كما “المعتقد” كنت أدغدغ يديها حتى تفتحها.

نقلت قلقي إلى محرك البحث غوغل؛ فقد أصبح دليلنا الأول لكل استفسار يخطر بالبال، بحثت عن سبب عدم امساك طفلتي للألعاب مثل أخيها، وكنت أواجه مجموعه كبيرة من الإعتلالات التي كانت تسبب لي صدمة، تحولت إلى إنكار فطفلتي أمامي تكاد لا تشكو من شيء؛ ها هي تضحك وتلعب وتبتسم لي، وتراقبني إذا ما ابتعدت عن ناظريها وتبكي.

استمرت مشاعري بالتأرجح، بين الشك بأن هنالك خطب ما.. وبين اليقين بأن تطورها طبيعي ولكنه مختلفٌ عن تطور أخيها، حتى صادفت فيديو لطفل مصاب بالشلل الدماغي CP، وكان يشبه طفلتي عندما ارفعها عالياً، تلتف رجليه على بعضهما، تماماً كطفلتي فبدأت المخاوف تزور قلبي، وروحي مرةً أخرى، وتأخذني من الاستمتاع بلحظات الأمومة مع طفلاي الجميلان.

لن أنسى تلك الليلة!  كنت في زيارة لبيت والدي في الدوحة حيث وضعت طفليَّ ليناما، وذهبت إلى الصالون في ساعة متأخرة من الليل؛ لأكمل بحثي على الإنترنت، وأقلب من فيديو لآخر، لم أكن أجرؤ على إكمال أحد هذه الفيديوهات، فكلّها تؤكد الحقيقة التي لا أريد تصديقها، وبدأت الدموع تتساقط من عيني بلا حول مني ولا قوة.

و كنتُ أهز برأسي و اقول طفلتي عندها شيء اسمهCP ، وفجأة مر والدي بجواري، واستيقظت والدتي على صوت حديثنا و جاءت وهي تتسأل عن سبب جلوسنا والدموع في عيني، وطمأنتني واقترحت علي أخذها إلى الطبيب، أخبرتني أنني أهول المواضيع، فلكل طفل تطوره الخاص، ولا يجب مقارنة مريانا بأخيها، فهي فتاة ذكية ولماحة منذ نعومة أظفارها.. فعلا كانت ولازالت ميريانا أجمل من كل زهور الأرض فتاة مرحة وذكية وسريعة البديهة.

اخذت هذه الشكوك معي في الموعد التالي لطبيبة الأطفال، وعندما سألتني ما خطبها.. أجبتها هي لا تمسك الألعاب مثل اخاها التوأم؛ فمدت عود الفحص الخشبي أمامها ملوحةً بها يميناً ويساراً.. فبدأت ميريانا تلاحق بعينيها العود، فقالت الطبيبة: ها ممتااز ممتاز! ثم مدت يدها اليسرى لتتناولها وحينها تبددت شكوكي وقالت لي الطبيبة، لا داعي للخوف إنه لمن الطبيعي وجود بعض الاختلاف حتى بين الأقران، كان هذا جل ما أتمنى سماعه..

مر بعض الوقت وبدأت أنتبه لمزيد من الاختلاف.. فميريانا لم تجلس ولم تحبو..

وفي مكالمة هاتفية مع صديقة لي قلت لها أني أضع امامها الألعاب على بعد مسافة معينة، وهي تنظر إلى اللعبة، ولكن هي تريدها وعلى ما اظن أنها لا تستطيع، وبعد أن تفوهت بهذه الكلمة، شعرت كأنها كانت منبهاً لي.. صمت لفترة وانتبهت لما قلته لصديقتي، وكيف أني أرى أمام عيني عجز طفلتي، لقد قلت لتوي أنها لا تستطيع! كانت صديقتي تتكلم ولم أكن اسمع ما تقول، وبعدها سمعتها تقول لينا طفلتك مولودة قبل وقتها لذا تطورها الحركي قد يكون متأخر، انا اعرف طبيب علاج فيزيائي قد يستطيع مساعدتك للتحقق من الامور..

انتهت المكالمة، وبقيت كلمتان برأسي.. لا تستطيع ومتأخرة حركياً.

ذهبنا الى ذاك الطبيب حيث قام بفحصها، وكان يوجه الكلام لزوجي واصفاً ميريانا بأنها طفلة طبيعية، وليس هناك داعي للقلق، والدليل انها كانت تنظر إليه، وتنظر إلى المتحدث، وهذا يدل على أنها ذكية تعي ما حولها فلا داعي للقلق، ولكنها بحاجه إلى بعض جلسات العلاج الطبيعي حيث يقدم مركزه جلسات علاج متخصصة باستخدام الطاقة الكهرومغناطيسية.. ودون على ورقة أمامه لم يناولنا إياها حرفان، C P، وكان يحدِّث المعالجة المساعدة لتحدد معنا موعد للجلسات، وطلبَت ان نؤجل الموضوع اسبوع حتى تجد لنا مكانا على جدول المواعيد. خرجنا انا وزوجي من العيادة، تحدثنا بأنه قد طمئننا ولكن ما الداعي للجلسات طالما انها كما قال لا تشكو من شيء؟ فقلت لزوجي لكنه دون على ورقته CP، لماذا؟ قال لا اعرف ولم أرى ذلك.. طبعا كلانا كنا بحاجة للاطمئنان لا أكثر، وكانت رغبتنا بأن تكون كل مخاوفنا محض خيال، أكبر من رغبتنا بمعرفة الحقيقة.

أصبحت ميريانا بعمر التسع شهور، وكانت قد بدأت تتقن الجلوس ولكن كنا نحن من نضعها على وضعية الجلوس، وكان جعفر من حولها يحبو، ويجلس وبدأ يمسك بأطراف الأثاث، ويحاول الوقوف. في ذات الفترة، لاحظت أنها عندما تمسك لعبة بيديها تضم أصابع قدميها، وتنكمش سوياً.. فبدأت أدغدغ أصابعها لكي تتحلحل، وحتى أني بدأت ابتكر طرقاً مختلفة لتفريق أصابع قدميها، فقصصت قطعاً من الليف، ووضعته بين اصابعها كما استخدمت مفرقة الأصابع التي يستخدمونها لوضع طلاء الأظافر، لنفس الغرض.

طبعاً لم يكن شيئا طبيعياً، ومع ذلك فقد كان تطورها الذهني يبهرني..

فكانت تتفاعل معنا، وخاصة مع جعفر، وتلعب، وتمشط شعرها وتنادينا وتغضب إذا ما أخذت اللهاية منها، وكانت مسلية جداً، ومرحة جداً، وجميلة جداً.

لكن تطور جعفر هو ما كان دليلي على أن هناك خطب ما..

بدأت تحبو، ولكن كانت عادة ما تغلق يديها وخاصة إذا ما كان هناك قطع من السجاد كما وكانت ترفض لمس الالعاب المحشوة، وتتجنبها. بدأت بعد عمر التسعة أشهر تسحب نفسها وتحاول أن تقف على أطراف الأثاث، ولكن اصبح الأمر واضحاً، فذهبنا إلى طبيب أطفالٍ آخر، أبدى شكوكاً، وطلب أن نذهب إلى طبيب متخصص في أعصاب الأطفال. وبالفعل ذهبت مع جدة ميريانا إلى المستشفى، وبأقل من ربع ساعة تم تشخيص طفلتي بالشلل الدماغي بعد أن أطفئت شمعة عامها الأول!

شاركت معكم تفاصيل قصتي مع صغيرتي، لترشدكم إلى العلامات المبكرة التي قد تشير إلى معاناة الأطفال من الشلل الدماغي، فكلما كان التشخيص في عمرٍ أصغر، كلما زادت فرص نجاح العلاجات والتدخلات المختلفة لمنح أطفالكم مستقبلاً أفضل. والتالي معلومات طبية تشاركها معكم أخصائية العلاج الطبيعي للأطفال السيدة ندى الكيلاني للمساعدة في التشخيص المبكّر للشلل الدماغي:

إن كلمة شلل دماغي هي بمثابة مظلة كبيرة تضم تحتها حالات تتراوح من البسيط إلى الحالات الشديدة، ولكل حالة خصوصية تامة تختلف عن غيرها.

هناك حالات يتم تشخيصها منذ الولادة، وهناك حالات أخرى لا تظهر عليهم الأعراض مباشرة وتبدأ الأم بملاحظة التأخر الحركي عادة من عمر الستة شهور إلى العام الأول من عمر الطفل، وكلما كان التشخيص مبكراً من قبل الطبيب المختص، واجراء الصور والفحوصات اللازمة كلما زادت فرص التدخل العلاجي المبكر، وكلما تداركنا المشكلات بشكل أفضل. لذلك من الضروري معرفة العمر التطوري لكل مهارة يكتسبها الطفل سواء إدراكياً أو حركياً أو لغوياً. دعي طفلك يأخذ حقوقه أثناء الحمل والولادة وبعد ذلك.

هنالك علامات أو مؤشرات أو أسباب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وليس الهدف إثارة المخاوف أو القلق في قلوب الأمهات، ولكن يجب التنويه لها من باب الاحتياط.

  • خلال الحمل: متابعة الحمل وتعليمات الطبيب بتناول جميع المكملات والتواصل السريع معه إذا ما واجهتك أي مشاكل أو مضاعفات.
  • أثناء الولادة: كوني على دراية تامة بقدرة الطبيب على التصرف إذا ما حدث عسر أو تأخر بالولادة أو ولادة مبكرة.
  • خلال عامه الأول: تابعي مراحل تطور طفلك حركياً في سنته الأولى، واقرئي عما هو متوقّع منه في كل مرحلة، وتابعي تطوره مع طبيب الأطفال.

إذا لاحظتي ان طفلك لا يرضع بشكل جيد أو يعاني صعوبة في البلع، وإذا كان طفلك لا يتفاعل بشكل جيد بوجود محفزات ضوئية، أو صوتية أو لا يتفاعل باللعب معك فتواصلي مع الطبيب.

أما على المستوى الحركي فإذا لاحظتي اي من هذه المؤشرات، فإياك وتجاهلها:

بعد عمر 3 شهور

عدم قدرة طفلك على رفع رأسه وتثبيته، وهو مستلقي على بطنه، أو يدفع برأسه إلى الخلف، وهو مستلقي على ظهره وإذا كان هناك شد زائد، أو مقاومة وصعوبة في تحريك الأطراف السفلية، وعدم قدرته على تحريكها بشكل جيد، إبقاء يديه مغلقة وعدم قدرته على فتحها وتحريك الأطراف العلوية وعدم قدرته على تتبع الأشياء.

بعد عمر 6 شهور

إذا لاحظتي تأخر بالجلوس، وعدم ثباته وعدم تحكمه برأسه وتثبيته أو ارتخاء زائد في الجسم، يجلس وظهره منحني للأمام ومتقوس، صعوبة في الوصول بيديه لإمساك الأشياء، أو حدوث تيبس بالأطراف السفلية.

بعد عمر 9 شهور

عدم قدرته على اللعب، واستخدام يديه كالتصفيق بوضع الجلوس، أو الميل لاستخدام يد واحدة، وعدم قدرته على رفع ظهره وصعوبة الحبي وأن يحمل وزنه على الأطراف السفلية.

بعد عمر 12 شهر

لا يستطيع الانتقال إلى وضع الوقوف، ويستخدم الأطراف العلوية؛ للانتقال بدلا من الأطراف السفلية، يجلس ووزن جسمه على جانب واحد، ويحتاج لتثبيت نفسه حتى يستطيع الجلوس.

على عمر 15 شهر

لا يستطيع المشي أو أخذ خطوات لوحده، اختلال بالتوازن والوقوع كثيراً أو المشي على أطراف الأصابع.

بصفتي أم أعي تماما خوفنا على أطفالنا، وتأثير ذلك علينا فكل أم تنظر لطفلها نظرة الحب والاهتمام والرعاية وتراقبه بكل عناية وتريد الأفضل له، تتقبله بهويته وبشخصيته، وقدراته المميزة، وتثق فيه وبمحبتها له، وتعلم انه مميز بطريقته الخاصة، وأنه لا يختلف عن أقرانه بل على العكس عليها دعمه حتى تزيد من ثقته بنفسه، ويشعر بقوته من خلال قوة أمه وقدرتها على المواجهة.

لينا محمود أبو سمحة

أم لثلاث أطفال ومؤلفة قصة (سنطير الى البيت)

قصة سنطير إلى البيت.. قصة تهدف لدمج أصحاب الهمم في المجتمع وهي نتاج عمل واجتهاد مجموعة من الأشخاص الذين آمنوا بمبدأ العدل بين جميع الأطفال وحقهم بالمساواة على الرغم من اختلافاتهم.

لينا أبوسمحة

ندى سليمان محمد زيد الكيلاني

أخصائية علاج طبيعي أطفال خريجة الجامعة الأردنية عام 2005 حاصلة على أكثر من عشر سنوات خبرة من داخل الأردن وخارجه وعلى شهادات ودورات معتمدة دوليا من خارج الأردن في مجالات مختلفة تختص بالعلاج الطبيعي

تبحث في مجال العلاجات المتوفرة لحالات الشلل الدماغي عند الأطفال.

ندى الكيلاني: الشلل الدماغي

يمكنكم دعم رحلة علاج ميريانا بشراء قصة سنطير إلى البيت

للمزيد من المعلومات: صفحة الفيسبوك


انضمي للنقاش