يختلف دماغ الأنثى عن دماغ الذكر منذ الطفولة، وتبقى الاختلافات موجودة بين دماغ الرجل ودماغ المرأة فيما بعد. فيما يلي أبرز هذه الفروقات وتأثيرها على السلوك وعلاقتها مع تربية الأبناء
ما هي أهم الفروقات بين دماغ الذكر ودماغ الأنثى ؟
1-توزيع وكمية المادة البيضاء والمادة الرمادية في الدماغ
حيث يحتوي دماغ الأنثى على كمية أكبر من المادة البيضاء White Matter حيث يحتوي دماغ الأنثى على عشرة أضعاف كمية المادة البيضاء الموجودة في دماغ الذكر. عند وجود المادة البيضاء بشكل كبير هذا يجعل أجزاء الدماغ متصلة ببعضها بشكل أفضل، مما يمنح الأنثى القدرة على القيام بمهام متصلة ببعضها. هذه الميزة في تركيب الدماغ هي التي تجعل الإناث أكثر قدرة على القيام بمهام متعددة في نفس الوقت أو ما يعرف ب Multitasking وهي قدرة لا يمتلكها الذكور بسبب طبيعة تركيب دماغهم الذي يحتوي على كميات أقل من المادة البيضاء.
بينما تحتوي أدمغة الذكور على كميات أكبر من المادة الرمادية Grey Matter، والتي توجد في دماغهم على شكل بقع متفرقة. وهذا يجعل الذكر يؤدي المهام بالتتالي، لأنه لا يستطيع القيام بمهمتين معاً بسبب تركيبة الدماغ بهذا الشكل. هل جربت أن تسألي زوجك من سيأخذ الأطفال للمدرسة غداً بينما يصلح التلفزيون؟ هل لاحظت استغراقه بالنظر إليك؟ وذلك لأنه يفكر هل يكمل تصليح التلفاز أم يجب على سؤالك! وأنت تستغربين لأنك قادرة على أن تجيبي على أي سؤال بينما تطبخين، أو تنظفين المطبخ.
كما يحتاج الرجل للوقت المستقطع بينما أي مهام أو أي أحداث خلال يومه. بينما أنت قادرة على أن تعودي من عملك والتوجه للمطبخ فوراً بينما لازلت ترتدين حذاء الكعب العالي لكي تحضري طعام الغداء. يحتاج زوجك لفاصل بين عودته من العمل وبدئه بأي شيء بعد ذلك فهو يحتاج إلى بضعة دقائق بين وصوله من العمل والبدء بتناول الغداء، أو مساعدتك في تدريس الأطفال، أو مساعدتك في أعمال المنزل. ويعود هذا لطبيعة تركيب الدماغ لدى الذكور.
هذه النقطة مهمة جداً عند التعامل مع الأبناء الذكور، فإذا لاحظت أن طفلك لا يستطيع حل الواجبات المنزلية للمواد المختلفة تباعاً، لا تقلقي على أدائه الدراسي. وإذا لاحظت أن ابنك أو زوجك لا يستمعون لك عندما تسألينهم، بينما هم مشغولون بأشياء أخرى لا تضايقي وأخبريهم أنك بحاجة لسؤالهم سؤال مهم، وامنحيهم الوقت لكي يستطيعوا الانفصال عما كانوا يقومون به ويركزون معك. لا تضايقي فزوجك لا يتهرب من سؤالك وابنك ليس فظاً، فطبيعة تركيب دماغ ابنك تجعله غير قادر على الموالاة في المهام مثل أخته. تتمتع البنات مثل أمهاتهن بالقدرة على القيام بمهام متعددة، والقيام بالأعمال تباعاً
2-الفصل بين جانبي الدماغ
يفصل بين جانبي الدماغ جزء معروف باسم Corpus Callosum ويكون هذا الجزء في دماغ الأنثى أكثر سماكة، مما يجعله يحتوي على موصلات عصبية أكثر، فيوصل الجزء الأيمن بالجزء الأيسر من الدماغ بشكل أفضل. لذلك تربط الأنثى مشاعرها بتفكيرها بشكل أكبر وأقوى من الذكر. حيث أن هذا الجزء الفاصل بين فصي الدماغ يكون أقل سماكة في دماغه، فلا يحتوي بالتالي على موصلات عصبية كافية مما يجعله يفصل بين مشاعره وتفكيره في أغلب الأوقات.
هذه الميزة في دماغ الأنثى، والتي تربط المشاعر بالتفكير، تجعلها أقدر على فهم التواصل غير المحكي، مثل لغة الجسد ولغة العيون. ولكن هذا الفهم والربط، يجعل الأنثى حساسة وعرضة للفهم الخاطئ والتفسيرات المغلوطة التي تؤدي أحياناً لمشاكل سوء التفاهم. وتجعلها أيضاً تطلق الأحكام غير الصحيحة وفي مكانها غير المناسب. إيجابية هذه الصفة هي أنه ومع الخبرة تزداد القدرة على فهم الآخرين، وتحليل لغة جسدهم، ولغة عيونهم بدون عناء، مما يزيد من معدل الذكاء.
3-الاختلاف في الدراسة
من أهم تأثير الفرق بين دماغ البنت والولد على الدراسة هي أن ذاكرة الإناث أقوى من ذاكرة الذكور بشكل ملحوظ. وذلك يجعل البنت تتفوق على الولد في المواد التي تحتاج للحفظ. كما تتميز البنات في الكيمياء والمواد المشابهة والتي تحتاج لتتابع خطوات، وذلك لقدرة دماغهم على موالاة المهام. كما أنه تبين أن البنات متفوقات على الأولاد في اللغات الأجنبية والجانب اللغوي من التعلم بشكل عام. وتبين أن الأولاد متفوقين على البنات في الرياضيات وذلك بسبب طبيعة دماغهم التي تركز على مهمة واحدة منفصلة عن غيرها في آن واحد.
4-التعاطف
يحتوي دماغ الأنثى على منطقة اسمها Insula وهي بمثابة مرآة. بمعنى أن دماغ الأنثى يعكس المشاعر والأحداث الخارجية على نفسه. مثلاً إذا ابتسمت في وجه ابنتك ستبتسم لك بشكل تلقائي. وإذا شاهدت حادثاً خلال النهار، ستبقى الصورة عالقة في دماغك وستؤثر عليك طيلة اليوم.
هذا الجزء غير موجود في دماغ الذكور، لذلك هم غير قادرين على عكس المشاعر والأحداث والتعاطف معها بالشكل الذي تتعاطف معها الأنثى. وهذا لا يعني أن ابنك أو زوجك غير متعاطفين، أو قساة، همم ببساطة لا يتعاملون مع الأمور بنفس طريقتك.
5-التواصل البصري
التواصل البصري مهم جداً لدى الأنثى وهو أساسي للتواصل الناجح، تحتاج المرأة للنظر في عيني من تتكلم معه، وتصر على أن ينظر في عينيها بالمقابل أيضاً، ولكن هذا التواصل البصري الذي تعتبره المرأة أساسياً في التواصل الناجح يضايق الرجل ويزعجه، ويجعله غير مرتاح خلال المحادثة. يحب الرجل الحركة، لذلك يفضل الكثير من الأزواج التحدث مع زوجاتهم أثناء وجودهن بالمطبخ بينما يحضرن الطعام أو يغسلن الصحون، لأن حركة زوجته بينما يتحدث إليها تريحه. ينصح خبراء التربية والعلاقات عند فتح المواضيع المهمة مع الزوج أو الابن، التحدث بها أثناء التنزه مثلاُ للحصول على تواصل ناجح ومريح للطرفين.
إذا أردت أن يجاوب طفلك معك خلال حفظ قصيدة مثلاً، تبادلوا رمي كرة صغيرة بينما يسمع لك ما حفظه. ستجدين تجاوب ونجاح أفضل بكثير من لو طلبت منه أن يجلس دون حراك بينما يُسمع.
تأثير الفروقات بين دماغ الولد والبنت على التربية
1-توزيع المهام
بسبب الفروقات التي ذكرناها سابقاً يختلف إعطاء وتوزيع المهام مع الولد عنه مع البنت. عندما تطلبين من ابنك القيام بعدة أمور خلال اليوم عليك أن تكوني واضحة وأن توزعي له المهام خلال اليوم. أما ابنتك فيمكنك أن تخبريها بكل المطلوب منها اليوم وستقوم بكل ما طلبت منها لأن دماغها قادر على تنظيم وتوزيع المهام، على عكس دماغ الولد.
2-احترام الرغبة في الحركة
وهي نقطة مهمة جداً، أتمنى أن تكون واضحة لدى الأهل ولدى المدارس أيضاً. حيث أنه وكما ذكرنا سابقاً يحتاج دماغ الولد للحركة لكي يركز ويتفاعل. وهذا يثير شكاوى المدرسين والأهالي في الكثير من الأحيان، وكثيراً ما يتم سوء تشخيص الطفل بأنه مصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه. من المهم معرفة أن بعض الأولاد يحتاجون للحركة أكثر من غيرهم ليركزوا في الدراسة والتفاعل. لذلك من المهم إيجاد حلول ليتحركوا بينما يدرسون ويسمعون دروسهم، مثل رمي الكرة أو السماح للطالب بالوقوف أثناء حل مسائل الرياضيات. احرصي على تجنب الشدة مع ابنك أثناء مساعدته في الدراسة والطلب منه ألا يتحرك نهائياً، اسمحي له بالقليل من الحركة وستجدين تجاوباً ونتيجة أفضل.
3-التعاطف
إذا لاحظت أن ابنك لا يبدي تعاطفاً مثلك أو مثل الذي تبديه ابنتك، لا تتسرعي في الحكم عليه والظن بأنه قاسي أو عديم الإحساس. فدماغه لا يحتوي على الجزء الذي يعكس مشاعر غيره على نفسه التي تسمى Insula فيمكن أن يحزن طفلك لحزنك لدقائق قليلة فيقبل جبينك ويخفف عنك بكلام لطيف ثم يعود للعب الكرة مع أصحابه. فهو لا يملك القدرة على استمرارية الشعور بالحزن أو حتى استمرارية الشعور بالذنب عند قيامه بخطأ ما. فعندما يخطئ الأولاد عادة، يشعرون بالذنب لفترة قصيرة جداً، ويعتذرون ثم يعودون لممارسة حياتهم بشكل طبيعي وكأن شيئاً لم يكن. وهذا يشعر الأم بالإحباط في الكثير من الأحيان، بينما يتصرف هو كما تملي عليه طبيعة دماغه لا أكثر.
هل تركيبة الدماغ هي نفسها لدى الجميع؟
هناك واحدة من كل سبعة إناث يحمل دماغها صفات دماغ الذكور. وهناك واحد من كل خمس ذكور يحمل دماغه صفات دماغ الأنثى. وهو أمر طبيعي ليس له تأثير آخر على الأنثى أو الذكر سوى الاختلاف في التفكير، وردة الفعل، ولا يؤثر أبداً على العواطف أو التكوين الجسدي والجنسي للشخص.
هل تربية البنات أسهل من تربية الأولاد؟
هذا ما تداوله الأمهات منذ سنوات طويلة، أن التعامل مع البنات أسهل وأسلس، وأن تربية الأولاد صعبة جداً! ولكن في الحقيقة كل ما في الأمر أن الأم تعتبر تربية البنت أسهل لأنها تعرف تماماً كيفية تفكير بنتها لأنها أنثى مثلها، فيمكننا القول أنها تستخدم نفس نظام التشغيل. بينما التعامل مع الولد يستدعي تعلم نظام تشغيل مختلف.
فمثلاً عندما يعود الولد منزعجاً من المدرسة تدخل الأم مسرعة معه إلى غرفته وتجلس بالقرب منه وتنظر مباشرة في عينيه وتبدأ بالإلحاح بالسؤال: “ماذا بك؟ ما الذي يزعجك؟!” لتجد أنها تواجه طريقاً مسدوداً وسداً منيعاً يرفض الإجابة، فتشعر بالقلق والإحباط، لأنها اعتادت تجاوباً سريعاً ومصارحة كاملة من ابنتها. ولكن في الحقيقة ابنك يرفض إخبارك لأنه وبسبب طبيعة تركيبة دماغه، هو لا يحب التواصل البصري، ينزعج عندما تنظرين في عينيه، ولا يحب الإلحاح، ولا يحب الكلام والتعبير عما يزعجه فوراً. لذلك إذا كان ابنك منزعجاً ودخل غرفته، انتظري حتى عودة زوجك من العمل ودعي الأمر له. فالأب يمتلك نفس نظام التشغيل ويعلم كيف يساعد ابنه، وكيف يجعله يعبر عما يزعجه إن احتاج لذلك.
ما أهمية معرفة الفرق بين دماغ الذكر ودماغ الأنثى للأهل؟
عندما تعرفين طبيعة تركيبة دماغك، وتفهمين عمل هرموناتك، ستدركين ما هو دورك كأم. فمن أهم مشاكل الأمهات، أنهن يحاولن السيطرة على كل شيء، ويحاولن مسك زمام جميع الأمور مما يجعلها متوترة دائماً وشديدة العصبية، ودائمة الصراخ على أطفالها. ولكن تأثير هذه العصبية سلبي على الأم بالدرجة الأولى بسبب وجود ال insula في دماغها والتي تعكس المشاعر على نفسها، وبسبب قوة ذاكرة المرأة فهي ستحتفظ بذكرى تأثير المشاعر السلبية لفترة طويلة مما يؤثر على صحتها النفسية. كما أن الرغبة بالسيطرة والتحكم، تحيد الأم عن مهمتها الأساسية التي خلقت لها، والتي هيئ دماغها لتنفيذها. وهي إعطاء الحب والحنان والرعاية.
دماغ الأم قادر على الجمع بين المشاعر والتفكير، ولكنه لا يستطيع الجمع بين مشاعر مختلفة، لا يمكن الجمع بين الحب والحنان من جهة وبين السيطرة والتحكم والعصبية من جهة أخرى، وجود هذه المشاعر معاً يزيد من الشعور بالذنب لدى الأمهات.
قدرة الأم على العاطف، وقدرة دماغها على الجمع بين المشاعر والتفكير هي هبة من الله سبحانه وتعالى تمنحها القوة والمقدرة على رعاية الطفل في المراحل الأولى من حياته. فمجرد سماع الأم لبكاء طفلها الرضيع، ستشعر أنه بحاجة لشيء ما فيدفعها تفكيرها فوراً للتصرف وتقديم لطفلها الرضيع ما يحتاج.
عقل الأب ودوره في التربية
بينما لا يستطيع الأب الجمع بين التفكير والمشاعر بسبب طبيعة تركيب دماغه، إلا أنه تحتل القيم مرتبة عالية في حياته وتفكيره. لذلك من أهم أدوار الأب في تربية الأبناء هو تعليم قيم الاحترام والالتزام، والدقة في المواعيد، والمثابرة، وعدم الغش وغيرها من القيم الأخلاقية المهمة. وذلك بسبب طريقة تفكيره وبسبب طريقة عمل دماغه.
الاختلاف في طريقة التعبير عن الحب
بينما تعبر الأم عن حبها لأطفالها بالاحتضان والقبل، يعبر الأب عن حبه لطفله الرضيع بأن يحمله ويرميه عالياً ليتلقاه مجدداً بينما يرتعب قلب الأم خوفاً. أو قد يلعب الأب مصارعة مع أبنائه الذكور كنوع من التواصل والترابط والتعبير عن الحب. ويعود ذلك لأهمية الحركة في دماغ الرجل.
هذا التوازن مطلوب ومهم، احتضني طفلك ودعي زوجك يلعب معه المصارعة، ولا تتوقعي منه استخدام أسلوبك بالحب.
هل تذكرين عندما سقط ابنك خلال مباراة كرة القدم في بطولة المدارس؟ هل تذكرين أنك قفزت من على كرسيك وطلبت إيقاف المباراة أو حتى إلغاء البطولة لأنك قلقة على ابنك وتريدين الوصول إليه؟ بينما جلس زوجك يتابع وينادي على ابنك أن يقف ويكمل المباراة وأن يكون شجاعاً وقوياً؟
هذا الموقف جعل طفلك يحصل منك على مشاعر الحب والتعاطف التي يحتاجها، وجعله يحصل من أبيه على التشجيع ويعلمه قيم المثابرة والالتزام. لا تشعري بالإحباط من زوجك في مثل هذه اللحظات فكل منكم قام بدوره التربوي كما أملته عليه طبيعة دماغه المصممة خصيصاً لدور كل منكما في حياة أطفالكما.
افهمي دماغك، ودماغ زوجك وأطفالك لتكوني أقدر على القيام بتربية أطفالك بدون عناء، ولتعيشي جواً من السلام والاستقرار في حياتك الزوجية.
تصفحي أيضاً تأثير طفولتك على تربية أطفالك