مع تطور مجال الألعاب الواقعية والإلكترونية وتغير نمط حياتنا الذي أصبح فيه الأطفال داخل المنزل معظم الوقت وحرص الأمهات على جدول أنشطة لإشغال الأطفال طوال اليوم ليجدك دومًا تملين عليه ما يجب فعله ويصبح الفراغ عدوك الأول لأنه طريق طفلك للجلوس أمام التلفاز أو الألعاب الإلكترونية، وأصبح وقت اللعب الحر أقل، ولأن للعب الحر له دور أعمق في تشكيل شخصية وبنية الطفل تعرفي معنا على فوائده وأفكار لتشجعي صغيرك ليلعب أكثر.
لا تخلو ذكريات طفولتنا من اللعب التخيلي مع الأقران وابتكار القصص والشخصيات وتنظيم أنشطتنا بنفسنا، لكن مع جداول الأنشطة المتواصلة والتلفاز أصبح أطفالنا يقضون وقت أقل في اللعب بمفردهم. ويعتبر اللعب من أساسيات حقوق الطفل إلى جانب المأوى والتعليم ودورنا كأهالي أن نمنح أطفالنا فرصة للعب غير المجدول خصوصًا للأطفال ما بين 6-12 سنة. ووفق دراسة نُشرت في عام 2005م في دورية ” مرجع طب الأطفال والمراهقين” Archives of Pediatrics & Adolescent Medicine فقد انخفض وقت اللعب الحر للأطفال بمعدل الربع بين عامي 1981 و1997. فصار الأهالي يهتمون بنتائج التعليم الأكاديمي وتنمية مهاراتهم ورفع محصولهم العلمي والدراسي والرياضي حتى وإشراكهم في الكثير من الفعاليات القيمة، بل أن المدارس تهتم بهذه النواحي متجاهلة أهمية اللعب للأطفال ووقت اللعب الحر أثناء اليوم الدراسي، مما يزيد الضغط على الأطفال وارتفاع نسب الاكتئاب لدى الأطفال والقلق والتوتر.
ما هو اللعب الحر؟
اللعب الحر هو كل أنواع اللعب المجاني الذي لا يحتاج إلى تنظيم وإرشادات البالغين، بحيث يشجع الأطفال على استخدام خيالهم، مثل اللعب بالمكعبات والدمى وسيارات اللعب وألعاب الأدوار. وقد لا يتطلب كذلك أي أدوات، بل يمكن لطفلك ابتكار أدوات للعب مما يجده حوله. ومن المفيد أن يتضمن اللعب الحر أقران وشركاء لتنمية المهارات الاجتماعية أكثر وأن يكون في الهواء الطلق ليحصل على المحفزات الطبيعية من حوله أكثر.
مالا يدخل ضمن تعريف اللعب الحر هو اللعب المخطط من الراشدين بتعليمات معينة، وكذلك اللعب السلبي مثل الجلوس أمام لعبة فيديو أو جهاز كمبيوتر أو تلفزيون أو أجهزة محمولة. فوقت الأجهزة الإلكترونية هذا وإن كان مقننًا لا يعتبر وفت للراحة واللعب والحر.
فوائد اللعب الحر للأطفال
1-يحافظ على نشاط البدني وبناء أجسام نشطة وصحية، ويساهم في منع السمنة.
2-يحفز عقولهم وإبداعاتهم وخيالهم أكثر من أي شيء آخر.
3-ينمي مهارات العمل الجماعي، والمهارات الاجتماعية والعاطفية والإدراكية الطبيعية لدى الأطفال.
4-يساعد في عملية النضج عند تعلم مهارات المشاركة وحل المشكلات بمفردهم أو فيما بينهم كمجوعة من الأطفال دون تدخل الراشدين.
5-يعمل على تقوية وفرة خلايا الدماغ القشرية
6-يحفز مهارات التفكير والتكيف والإبداع والتغلب على العقبات
7-يساعد الأطفال على التغلب على التوتر ومخاوفهم وبناء ثقتهم.
8-يشجع الأطفال على التفاعل مع العالم من حولهم.
9-يساعد الأطفال على ممارسة مهارات صنع القرار.
10-متعة يحتاجها كل طفل.
جميع هذه الفوائد مدعمة بالأبحاث والدراسات، ويقول أنتوني دي بيلجريني – أخصائي علم النفس التربوي بجامعة منيسوتا – أن الطفل لا يكتسب السلوكيات الاجتماعية من التلقين فهناك مفاهيم يدركها الطفل أكثر عند اللعب مع الرفاق مثل الانتظار في الدور، والتكيف مع الآخرين، ومفهوم العدل والإصرار والمثابرة، وبالتأكيد مهارات التواصل. فقد يحاول أن يتحدث مع أقرانه أكثر ويستخدم تعابير لغوية معقدة أكثر ليشرح ما يرغب من صديقه فهمه فهو يعلم أن أه تستطيع فهمه بسرعة، فمثلًا عند اللعب التخيلي قد يقدم لك يده خالية قائلًا: شوكولاتة أم فانيليا؟ وتفهمين أنه ما يقصده هو آيس كريم خيالي. لكن حين يلعب هذه اللعبة مع رفاقه فبالتأكيد سيعبر أكثر: لدي آيس كريم شوكولاتة وفانيليا، أي منهما تفضل أكثر؟
ليس الأمهات فقط من أدركن هذه الفروقات حتى الدراسات، فوفقًا لدراسة أُجريَت في عام 1997 نشرتها مؤسسة هاي سكوب للأبحاث التربوية في مدينة يبسيلانتي بولاية ميشيجان، فإن الأطفال الذين التحقوا برياض أطفال تركز على اللعب يكونون في وقت لاحق في حياتهم أسوياء اجتماعيًّا أكثر من أولئك الذين التحقوا برياض أطفال تخلو من اللعب وكانوا يخضعون دائمًا لتوجيهات المدرسي، بل وحققوا نجاحات أكثر في عملهم نتيجة مهاراتهم الاجتماعية في التكيف وحل المشكلات أكثر من سواهم. وهذه هي الفروقات التي نقصدها والمهارات الهامة التي على طفلك تعلمها.
أمثلة على اللعب الحر
اللعب الحر الحقيقي هو أي نوع من النشاط غير المنظم سواء باستخدام الألعاب المتوفرة أو ابتكارها.
عندما نقارن لعب مجموعة من الأطفال بكرة القدم في الفناء الخلفي معاً، مقابل اللعب مع فريق مدرب فقط فهذا نموذج على نوعية اللعب الحر الذي يحتاجه طفلك.
تتضمن المزيد من أمثلة اللعب الحر ما يلي
-اللعب على في الحديقة، والتسلق، والتأرجح، والركض.
-الرسم والتلوين والرسم والقطع واللصق العشوائي مع توفير المستلزمات الفنية.
-اللعب التخيلي ولعب الأدوار.
-القراءة والنظر في الكتب التي يستمتعون بها، وليس كجزء من الواجبات المنزلية أو الدراسة.
-تركيب المكعبات العشوائي كفريق أطفال أو الطفل بمفرده.
دور الأهل لتشجيع اللعب الحر
كوالدين هنا دوركم ليس أن تشرك طفلك في نادي للسباحة او كرة القدم، ولا لأخذه إلى محل الألعاب وشراء عشرات الألعاب. بل أن تمنحه بعض الوقت عندما يخبرك بأنه يشعر بالملل ولا شيء لقوم به. لا تقترح عليه ما يمكن فعله بل شجعه للتفكر في شيء حوله. أن تخبره أن يبتكر لعبة بينما يقضي الوقت منتظرًا في السيارة، أن تمنحه الفرصة ليشعر بالملل وينمي خياله بلعبة مما يجده حوله، أو مع أصدقاءه الخيالين.
تذكري دومًا أن شغل وقت الطفل من لحظة استيقاظه وحتى موعد النوم، وجعل وقت التلفاز أو الألعاب الإلكترونية المقنن هو وقت التسلية الحرة الوحيدة طوال اليوم تسبب الضغوطات والتوتر، ونتيجة تغير نمط حياة أطفالنا زادت معدلات الاكتئاب والقلق لدى الأطفال والمراهقين. فالملل فرصة للإبداع وللتعلم من حوله بنفسه، وللشعور بالذات واللعب!