ما زلت أذكر أول يوم مدرسة لابني الأكبر، حسين، كان يتملّكني شعوران متناقضان الفرح والحماس مقابل الخوف. الخوف من تعرضه للأذى في غيابي وعدم قدرته الدفاع عن نفسه أو حتى معرفته أن ما يتعرض له هو تنمرّ أو أذى. وبقي هذا الهاجس يرافقني كيف أحمي طفلي من التنمر؟ سوف أعرض في هذا المقال تعريف التنمر، وأشكاله، وحدّته وأساليب حماية الطفل منه.
في هذه المقالة
ما هو التنمر؟
هو سلوك عدواني يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال باستخدام القوى والسلطة ضدّ طفل اخر عمداً وبطريقة متكررة. ويختلف التنمر عن الخلاف أو الغيظ.
قبل الحكم على السلوك بأنه تنمر يجب التأكد من النقاط التالية:
-يهدف السلوك إلى إيذاء شخص أخر أو ممارسة الضغط عليه.
-أن يكون الشخص المتنمَر عليه أقل قوة (لا يوجد توازن للقوى بين الطرفين) أي غير قادر عن الدفاع عن نفسه، أضعف جسدياً أو بلا سند…
-سلوك متكرر.
-لا يحاول المتنمِر الاعتذار أو التعويض للشخص الذي تعرض للأذى.
الأشكال المختلفة للتنمر
1-التنمر اللفظي:
وهو التنمر باستخدام الكلام اللفظي أو المكتوب. التنمر اللفظي ممكن أن يكون مباشر مثل الشتائم، أو النقد القاسي، أو المناداة بأسماء غير مرغوبة..
أو تنمر غير مباشر من خلال تحريض شخص على توجيه النقد، نشر إشاعات، عبر المكالمات أو الرسائل المجهولة…
2-التنمر الاجتماعي:
يمكن أن يكون مباشر عبر تكوين تحالفات ضد أحد الأشخاص أو غير مباشر عبر إقناع بعضهم بإقصاء شخص ما أو تجنّبه.
3-التنمر الجسدي:
يكون امّا مباشر عن طريق الضرب، إلقاء الأشياء، السلاح، السرقة أو التحرش…أو غير مباشر عن طريق تحريض شخص أخر على الاعتداء.
4-التنمر الإلكتروني:
تنمر باستخدام التقنيات الرقمية.
اعرفي المزيد عن هذا النوع في هذا المقال
مستويات التنمر
– التنمر الأقلّ حدّة يحدث في الحالات التي يحدث فيها سلوكيات الإغاظة رغم إنزعاج الشخص الأخر.
-المستوى المتوسط عند حدوث مضايقات بأشكال متعددة ومتكررة ومؤذية. الإغاظة القاسية والإقصاء المستمرّ وبعض التهديدات. أو التعرض للعنف الجسدي متوسط القوة مثل الدفع والتعثر..
-التنمر شديد الحدّة مضايقات عنيفة وقاسية.
بعض أعراض التنمر تكون واضحة أمّا البعض الآخر خفي مما يثير الشكّ في تعرضّ الشخص للتنمر.
فما هي الإشارات التي تدلّ على تعرض الطفل للتنمر؟
-تغيير في السلوكيات.
-تغيير في عادات النوم والأكل.
-عدم الرغبة بالذهاب الى المدرسة.
-الشعور بالتعب وألام الرأس.
-زيادة الخجل لدى الطفل.
-إتلاف الأغراض الشخصية.
-الطلب المتزايد للنقود او سرقتها.
-تلعثم الكلام.
-العصبية والمزاج السيء.
-البكاء أثناء النوم.
-التبول في الفراش.
-محاولات إيذاء النفس.
-ازدياد الانطوائية وعدم الرغبة باللعب مع الأطفال.
-زيادة في العدوانية وضرب الأشقاء.
والآن السؤال الأهم:
كيف أحمي طفلي من التنمر؟
-بناء الثقة بالنفس وتقدير الذات عبر الثقة بالطفل تحفيزه وتشجيعه، التركيز على نقاط قوته، التعبير الدائم عن الحب غير المشروط للطفل.
-عدم التنمر داخل المنزل ومعارضة أي سلوكيات متنمرة. عدم تعنيف الطفل أو أي شخص من افراد العائلة والابتعاد قدر الإمكان عن أساليب النقد واللوم.
-تعليم الطفل أساليب للدفاع عن النفس عن طريق لعب الأدوار.
-تعليم الطفل المهارات القتالية.
-خلق صورة إيجابية للطفل عن نفسه وجعله يردد عبارات مثل أحب نفسي كما أنا، أنا أستحق الاحترام، أنا قادر…
-الطلب من الطفل بحال تعرضه لأي شكل من أشكال التنمر انسحب، أخبر المعلمة، رافق أصدقاء أكثر لطفاً.
علّميه بحال تعرض للتنمرّ اللفظي أن يحاول ضبط نفسه قدر الإمكان الغضب هو ما يبحث عنه المتنمر الأفضل الرد بالسخرية واللامبالاة.
أخبري طفلك أن لغة الجسد مهمة جداً، قولي له:
ارفع رأسك، أنظر بعين المتنمر مباشرة وتكلم معه بصوت معتدل وحازم.
مثلاً:
عندما يسمع الطفل جملة مثل: أنت أبله
الجواب: هذا رأيك!
أو: شعرك رائحته نتنة!
الجواب: شكراً على المعلومة!
أو يمكنه للطفل الذي يتعرض للتنمر اللفظي أن يقول:
“عندما تقول لي…أشعر بال…
ثم على الطفل الانسحاب وإخبار المعلمة أو أي شخص راشد يثق به.
-أمّا بحال تعرضه للتنمر الجسدي علميه أن يرفع يده بوجه المتنمر يصرخ بطريقة حازمة توقف، ينسحب ويخبر المعلمة او شخص راشد يثق به.
-أخبري طفلك دائماً أنّ المدرسة مكان للتعلم والاستمتاع مع الأصدقاء من حقه أن يكون سعيد داخل المدرسة والشعور بالخوف من أي شخص ليس طبيعياً ويجب التصرف.
-الاحترام قيمة أساسية أساس وحق هو يستحق الاحترام كما عليه احترام الغير.
إذا أخبرك طفلك أنه تعرض للتنمر رغم صعوبة الموقف حاولي التحلي بالهدوء والسكينة، أخبريه أنك ممتنة لإخبارك عما يعانيه.
استمعي له من دون حكم أو لوم، عززي مشاعره وأخبريه أنك هنا لسماعه ومساعدته، إن كان التنمر مكتوب احتفظي به لتقديمه كدليل للمدرسة. تدربي معه كيف يتصرف إن تعرض لنفس الموقف مرة أخرى حتى يصبح متمكنا وواثق.
أول خطوة بعد الاستماع للطفل دوّني على ورقة الأسماء، الأحداث والتواريخ التي ذكرها واطلبي الاجتماع مع المعلمة لطرح المشكلة.
كوني محامية طفلك دافعي عنه باحترام وهدوء وإن لم يرضيك جواب أو ردة فعل المعلمة أطلبي الاجتماع بالمدير. إنّ تكرر الأمر ولم تأخذه المدرسة على محمل الجد أو كان التنمر شديد يمكنك اللجوء إلى السلطات الرسمية في بلد إقامتك.
أتمنى أن يكون هذا المقال يجيب عم تساؤلاتكم حول التنمر.
ما العمل إذا كان أبني أو ابنتي متنمرا؟ وما هو التنمر الالكتروني؟ هو ما سأتطرق له في المقال القادم.
