أمي الغالية، اليوم في عيدي العشرين قررت أن أرسل لك رسالة هدية مني لك، فيوم ميلادي هو احتفال نتقاسمه أنا وأنت، فأنت لي الحياة. هناك العديد من الخواطر تدور في رأسي، سأكتب ما يُسعِفُني به قلمي هذه المرة.
شكراً أُمي…
شكراً لأنك كنت الداعم لي في أكثر فترات عمري صعوبة، أعترف لقد كنت ذات مزاج متقلب وصعب، وفي كثير من الأحيان أتجاهل تعليماتك وإرشاداتك لي، مما جعلني أقع ببعض المشاكل أحياناً، وكنت تفاجئينني بتفهمك واحتوائك. في اللحظات التي كنت أتوقع أن تنفجري غضباً في وجهي وجدتك تتكلمين معي كفتاة راشدة بصوت حازم وحنون بنفس الوقت دون تهديد ووعيد ولوم.
شكراً على بناء هويتي وشخصيتي لولاك لم أكن هذه الفتاة المحبة لنفسها الواثقة بقدراتها، لم تقارني يوماً بيني وبين إخوتي أو أقاربي أو صديقاتي، لم أسمعك تشتكين من تصرفاتي، بل العكس أسمعك تمتدحينني وفخورة بي برغم تقصيري، وكل ملاحظاتك لي هي أسرار بيني وبينك. تساعدينني وتأخذين بيدي كصديقة أحياناً وكأم صارمة حكيمة أحيانا أخرى.
شكراً لصبرك علي عندما كنت أتهرب من مسؤولياتي، تصبرين على مماطلتي وكنت ذات نفس طويل أعترف بذلك فلم تملي يوماً من التكرار والإصرار علي لأقوم بواجباتي، كنت في وقتها أشعر بالغضب من اصرارك على أن أنفذ مهماتي إلا أنني أصبحت الشابة المسؤولة الفخورة بنفسها والقادرة على إدارة وقتها وإتمام واجباتها ومسؤولياتها وكل هذا بفضلك أمي.
شكراً لك يا قدوتي، مهما كانت أوامرك وملاحظاتك لي لقد كنت أتعجب من التزامك بما تملينه علي قبل التزامي أنا به! فكنت ملتزمة بمواعيدك صادقة مع من حولك. في أوقات العائلة لا تنشغلين بالهاتف أو العمل، كتابك صديق لك تلتقين معه يومياً! تحترمين خصوصية كل فرد منا، ولا أستطيع أن أتجاهل قدرتك على حل المشاكل والهدوء والحكمة في التعامل مع المواقف، ودوماً ترى عينيك الجيد والجميل لمن حولك، وعندما تضعك المواقف للمواجهة كنت تواجهين بالحق والعدل. لا تستغربي من كلامي فكنت أراقبك دوماً وأتعلم بصمت، حتى لو لم أعترف بذلك حينها.
شكراً لأنك كنت لي غوغل الأمين في مراهقتي ولم تملي أو تنقطعي عن البث! بل العكس كنت دوماً مصدري الموثوق للأسئلة التي تدور في ذهني عن الكون والحياة والموت والدين وفلسفة الحياة، مُرهِقة كنت بكمية الأسئلة التي أطرحها سؤال واحد يتولد عنه نقاش ساعات والعديد من الأسئلة، لم أشعر باستخفاف أو تقليل من أفكاري، بل العكس كنت أشعر بأهميتي حين نتناقش وأحصل على الإجابة أحياناً، وأحيانا ينتهي بنا الأمر للبحث والتمحيص معاً عن إجابة مقنعه.
كل عام ونحن يا أمي أجمل الصديقات التي تجمعنا أجمل الذكريات والأوقات الممتعة معاً، فمشاويرنا لتحتسي مشروبك المفضل، وأتناول أنا المثلجات المفضلة عندي وتتحدثين لي عم يدور في بالك ويزعجك بعض الأحيان، وتطلبين رأيي ومشورتي أعتبرها من أجمل لحظات حياتي، تجعلني أشعر بالفخر بنفسي ولأنني ابنتك.
سأعترف لك بسر يا أمي هذه رسالة لكِ كما أنها رسالة لي أيضاً ولن تكون الأخيرة سأحتفظ بها لتكون دليلي عندما أصبح أماً.
أحبك أمي
اقرئي أيضاً مهارات تربوية احرصي على إتقانها