ما هو معيار تفوق الأبناء؟ ومن هو الطفل المتفوق؟ وما دور الأهل في دعم التفوق لدى أطفالهم؟ الإجابات على هذه الأسئلة والمزيد من المعلومات في هذا المقال.
من هو الطفل المتفوق؟
للإجابة على السؤال أولاً نسأل أنفسنا ماذا يعني لنا التفوق، اهو الحصول على أعلى العلامات لنفخر بأبنائنا ونشعر بذكائهم وقدراتهم أم هو جاهزيتهم وإعدادهم لحياتهم القادمة ومستقبل آمن.
يعتقد الكثيرون أن الطفل المتفوق هو الطفل الحاصل على أعلى العلامات في المدرسة، والمتفوق دراسياً. ولكن في الحقيقة هناك عوامل عدة تساهم في تصنيف الطفل على أنه طفل متفوق. فالطفل المتفوق هو الذي يمتلك حاصل ذكاء (IQ) Intelligence quotientمرتفع. وهو في نفس الوقت يمتلك حاصل عاطفي Emotional quotient (EQ) مرتفع أيضاً، بالإضافة إلى (SQ) Social quotient مرتفع كذلك. حاصل الذكاء المرتفع بمفرده، لا يجعل الطفل قادراً على الانخراط بالمجتمع، وبالتالي لا يعتبر الطفل متفوقاً فقط بامتلاكه حاصل ذكاء عالي. فالطفل الذي يمتلك حاصل عاطفي، وحاصل اجتماعي مرتفع يكون قادراً وبشكل أفضل على الانخراط في المجتمع حتى وإن كان حاصل الذكاء لديه متوسط. ومن الجدير بالذكر أيضاً، أنه وفي كثير من الأحيان يعاني الأطفال ذوي حاصل الذكاء المرتفع والذي يقعون تحت ضغط من أهلهم ليتفوقوا أكاديمياً من ضعف في تقدير الذات. حيث أنه يشعر أن تقدير يأتي من الدرجات المدرسية، فيفتقر بالتالي لتقدير جيد لذاته.
-طبيعة التفوق الدراسي
فالطفل المتفوق هو الطفل القادر على فهم المادة الدراسية واستخلاص المعلومات التي يحصل عليها في المدرسة، والذي لديه القدرة على تطبيقها في الحياة، وتسخيرها لتطوير مستقبله. فمن الممكن أن يحصل الطالب على درجات عالية في الامتحانات وبمجرد انتهاء الامتحان ينسى كل ما تعلمه. أو بمجرد تخرجه يكتشف أنه غير قادر على تطبيق ما تعلمه أو الاستفادة منه في الحياة العملية.
–القدرة على التحكم بالمشاعر
الطفل المتفوق أيضاً هو الطفل القادر على التكيف مع المجتمع من حوله بسهولة. والقادر على التكيف مع التغيرات المستمرة. والتعامل مع مشاعره باحترام وقدرة للتعبير عنها ولا يشعر بالخجل من إظهارها ولكن بطريقة صحية ودون التعدّي على الآخرين. بالإضافة لتحمله نتيجة افعاله.
–مهارات اجتماعية قوية
من المهم أن يمتلك الطفل مهارات تواصل، ومهارات اجتماعية، مع قدرة عالية على الاندماج الصحي والإيجابي مع المجتمع لكي يعتبر متفوق.
ما هو دور الأهل في دعم تفوق أطفالهم؟
–إدراك قدرات الطفل المختلفة ودعمها
ففي حالة كانت قوية دون الضغط على الطفل ليكون محصلته من العلامات المدرسية عالية، وإذا كانت قدرات الطفل الدراسية متوسطة أو أقل فعلى الأهل دعم الطفل ومساعدته ليتحسن، دون وضعه تحت ضغوطات ليحصل على درجات أعلى من معدل ذكائه، فالهدف تطوير المهارات وتحسينها وليس تحصيل الدرجات. ومن المهم أن يتم تقييم الضعف، هل هو صعوبة بالفهم والاستيعاب أم بالحفظ؟ وهل الطالب قدراته المرئية والحسيّة أعلى أم قدراته السماعية؟ ومساعدة الطفل على تنمية مهارات وهوايات أخرى بعيداً عن المواد المدرسية والتحصيل الأكاديمي. حيث أن مساعدة الطفل على الإبداع بمجال آخر يعتبر حافزاً قوياً لتعزيز المهارات الدراسية والتحصيل الأكاديمي. بالإضافة إلى تقبل الطفل مهما كانت قدراته، ومهما كان تحصيله. وتطمين الطفل أن التفوق الأكاديمي ليس الشرط الوحيد للنجاح في المستقبل.
–تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم
من المهم أن يشعر الطفل بالأمان، والراحة ليعبر عن مشاعره، بينما هو مطمئن بأن أهله متقبلين له ولمشاعره المختلفة. احرصي على تشجيع أطفالك على التعبير عن مشاعرهم بأريحية منذ عمر صغير، وكيفية التعبير عنها بالصورة الصحيحة. وطمئنيهم دائماً أن مشاعرهم لن تؤثر سلباً على الصورة التي لديك عنهم، فأنت تحبينهم وتتقبلينهم بأي حال كانوا. فالإنسان مزيج من السعادة والحزن، ودور الأهل هو تقبل أطفالهم ودعمهم سواء كانوا سعداء أو يشعرون بالحزن أو الإحباط. كوني مثلاً أعلى لأطفالك وعبري عن مشاعرك دائماً سواء كانت إيجابية وسلبية. كما يمكنك أن تطلبي من أطفالك وأسرتك أن تحصلي على استراحة قصيرة عندما تشعرين بالكثير من التعب أو الضغط. هذا سيشجع أطفالك أيضاً أن يأخذوا استراحة عندما يحتاجون إليها دون أن يكونوا ضحية أي ضغوطات أو تعب.
–تعزيز المهارات الاجتماعية لدى الطفل
إذا كان طفلك متفوق أكاديمياً ويقضي عشر ساعات يومياً بين كتبه وواجباته المدرسية، احرصي على أن تشجعيه على الاندماج بالمجتمع من حوله. ومن المهم إدراك أن هناك نوعين من الأطفال، فقد يكون الطفل انطوائي Introvert أو قد يكون اجتماعي أو منفتح Extrovert. الطفل الانطوائي لا يكره مخالطة الآخرين، ولكنه يحتاج لأن يكون مرتاحاً للمحيط الاجتماعي لكي يكون قادراً على أن يندمج بكل أريحية. فهو يحتاج لأن يجد لنفسه مكاناً مناسباً بين مجموعة الأطفال التي يراقبها من بعيد لنصف ساعة أو أكثر عندما يتواجد في مكانٍ فيه مجموعة من الأطفال لم يتعود على الوجود بينهم أو في حفلات أعياد الميلاد وغيرها. وهو طفل يفضل أن يكون موجود مع صديق واحد على أن يكون في مجموعة كبيرة. ودور الأهل فهم طبيعة شخصية الطفل الاجتماعية وتقبلها، ودعمها، دون الضغط على الطفل الانطوائي لكي يتغير. فالضغط الشديد على الطفل لكي يغير طبيعة شخصيته الاجتماعية تخلق لديه مقاومة ويصبح منعزلاً أكثر بسبب شعوره بالإحباط من أهله وعدم تقبلهم لحالته.
أما الطفل الاجتماعي فقد يقع أحياناً ببعض الأخطاء نتيجة اندفاعه وتحدثه المستمر من الآخرين. وهنا يكون دور الأهل تقبل الطفل ودعمه، مع تذكيره بكل حب بأساسيات اللباقة الاجتماعية وآداب التعامل مع الآخرين.
ما هو معيار تفوق الطفل في زمن التعليم عن بعد؟
من المهم أن تدرك الأم أن دعم أطفالها دراسياً في تجربة تجربة التعليم عن بعد لا يعني أن تقوم بدور المعلمة أو أن تقدم الامتحانات بدلاً منهم! فدور الأم هي أن تكون وسيلة مساعدة ودعم لأطفالها، وتشجيعهم. احرصي على عدم أخذ مسؤولية التدريس بدلاً من المعلمين، أو مهمة الشرح لطفلك. لأنه عندما يعود طفلك إلى المدرسة قد يجد صعوبة في التأقلم والتفوق الدراسي.
من الجدير بالذكر أن الطفل الاجتماعي قد لا يبلى جيداً من الناحية الدراسية خلال تجربة التعليم عن بعد. حيث أنه لا يحصل على الدعم الذي يحتاجه من أصدقائه ومن الجو الاجتماعي الذي يستمد منه قوته وطاقته الإيجابية. لذلك إذا كان طفلك الاجتماعي يستخدم منصة التعليم عن بعد للحديث مع أصدقائه خلال الاستراحة، اسمحي له بذلك.
أما الطفل الانطوائي فقد يزدهر تحصيله الأكاديمي خلال فترة الدراسة عن بعد لأنه بعيد عما قد يسبب له التوتر من مواقف اجتماعية وتواجد بين الآخرين، من حوله ونظرة الآخرين له التي تؤدي في بعض الأحيان إلى تشتيت التركيز والتأثير على طاقته الاستيعابية. ولكن تذكري أهمية تواصل ابنك مع أصدقائه وأن يلتقي بهم بين الحين والآخر أثناء فترة التعلم عن بعد لتعزيز المهارات الاجتماعية لدى الطفل.
إذن من العوامل الأساسية التي يعتمد عليها تفوق الطفل دراسياً خلال تجربة التعلم عن بعد هو طبيعة شخصية الطفل الاجتماعية.
من المهم أيضاً الاعتراف بمشاعر الطفل تجاه التعليم عن بعد، والملل والإحباط الذي يشعر بهم الطفل لعدم ذهابه إلى المدرسة، ، خصوصاً إذا كان مراهقاً. لذلك دور الأهل هو دعم هذه المشاعر وتشجيع الطفل للتعبير عنها وإقرار أي شعور لدى الطفل والاعتراف بحقه للتعبير عنه.
كما يمكنك دعم المهارات الدراسية لطفلك، خصوصاً تلك التي تحتاج للتطبيق العملي، من خلال البحث عن مصادر تعليمية خارجية والقيام مع طفلك بالتجارب المطلوبة منه لمادة معينة. حاولي قدر الإمكان تعويض طفلك عما يفتقده في المدرسة دون أن تضغطي عليه ليحصل على درجات مرتفعة في مواده الدراسية.
ما هي أسباب تراجع تفوق الطفل؟
الإجابة باختصار: تدخل الأهل وتحكمهم المستمر!
حيث أن المعايير التي يضعها الأهل للتفوق وسيطرة الأهل تعيق إبداع الطفل وتميزه وتقف حائلاً أمام تفوق الطفل. كما أن وضع شروط لحب الأهل مثل عدم التعبير عن المشاعر، وتحصيل درجات مرتفعة، يعوق تفوق الطفل بشكل كبير، ويؤثر بشكل سلبي على تقديره لذاته وثقته بنفسه.
ما هو تأثير سباق التفوق على الأطفال؟
المقارنة، فمقارنة الطفل بغيره من الأطفال والسباق الذي نفرضه على الأطفال سواء من الدرجات المدرسية، وعدد النشاطات اللاصفية التي يشترك فيها الطفل تسبب الإحباط للطفل وتمنعه من إظهار قدراته التي يتميز بها عن غيره لأنه يكون مطلوب منه ان يكون نسخة عن الآخرين. لكي يبدع الطفل ويتطور فهو بحاجة لكي يشعر بالملل ويبحث عن مكنوناته. لذلك عزيزتي الأم أفسحي المجال لطفلك قليلاً ولا تحرصي على ملء وقته بالنشاطات الكثيرة لكي يبدع ويتفوق. وقللي من سيطرتك على حياة طفلك الاجتماعية وعلى مشاعر طفلك فذلك يحول بينه وبين الإبداع والتفوق أيضاً.
مقارنة الطفل بأطفال آخرين يدمر وبسرعة فتاكة تقدير الطفل لذاته وبالتالي لثقته بنفسه. فسيشعر الطفل أنه لا يقدم لأهله ما يحتاجون معه. لذلك من المهم أن يتقبل الأهل أطفالهم وعدم مقارنتهم بأي طفل آخر. المقارنة الوحيدة المقبولة هي مقارنتك لطفلك مع نفسه في السابق، يمكنك قول لطفلك خطك اليوم أجمل من خطك الأسبوع الماضي، أو أداؤك في الرياضيات هذا الفصل أفضل من الفصل السابق. بهذه المقارنة تشجعين طفلك على تطوير نفسه باستمرار دون أن تتأثر ثقته بنفسه وتقديره لذاته.
تصفحي أيضاً ابني يضرب أطفال آخرين، ما السبب؟؟وكيف أتعامل مع هذه المشكلة؟؟