تلك الكائنات الجميلة التي تزين حياتنا فرحا وبهجة تعطينا تحديات يومية نقف أمامها عاجزين عن التصرف: هذا طعام مقرف … أسوأ يوم على الإطلاق … أحس أنني أغبى شخص في هذه الملابس … أتمنى أن تختفي كل المدارس! هل تبدو هذه الحوارات مألوفة لك؟ كيف تتصرفين معها؟ وكيف ينتهي هذا الحوار؟ إذا كنت عاجزة عن التواصل والتفاهم مع ابنك أثناء إحباطه وغضبه فهذا المقال لك. سأتكلم اليوم عن التواصل مع الأطفال وتحديدا عن تفهم وتقبل المشاعر السلبية لديهم
أهمية التواصل من أجل فهم المشاعر السلبية لدى الأطفال
عندما يقع ابنك في مشكلة (من وجهة نظره هو حتى لو كانت تبدو تافهة بالنسبة لك) فإنه يتوتر ويغضب ولا يعرف كيف يتصرف، تفاعلك مع هذه المشاعر هو ما سيساعده أن يعرف ما إذا عليه التعامل مع هذه المشاعر أو تركها. فإذا استطعت استيعابها وتقبلها فإن هذا سيهدئه ويقلل من توتره وغضبه مما سيساعده على التفكير لاحقا بشكل إيجابي وفعال لحل مشكلته وسيقوي من ثقته بنفسه أما إذا قمعت هذه المشاعر ورفضتيها فسيزيد هذا من توتره وغضبه وأؤكد لك أن المشكلة ستكبر ولن تحل بسهولة وستدخلين في جدل طويل غير مثمر معه وعلى المدى البعيد ستهتز ثقته بنفسه وبمشاعره وقراراته.
مما يعني أن هناك علاقة مباشرة بين تصرف الأطفال ومشاعرهم، فإذا كانت مشاعرهم متزنة سيتصرفون بشكل جيد والعكس صحيح.
قد يكون هذا الكائن الصغير فقط يريد أن يشعر أنك تشعرين كما يشعر أو ترين ما يرى، فقط بدون أي أجندات أخرى. مجرد إحساسه بذلك سيريحه ويخفف من أي توتر وأي مشاعر سلبية يشعر بها. نعم هو ابنك ولكنكما عالمان مختلفان وما تشعرين به وما ترينه قد يكون مختلفا تماما عما هو يراه ويشعر به وليس أحدكما على خطأ!
سأشرح لك الموضوع عن طريق هذه القصة:
تخيلي نفسك عزيزتي الأم في عملك، مديرك طلب منك طلباً محدداً وعليك تسليمه ولكن حدث أثناء اليوم العديد من المواقف المفاجئة وسمعت أخباراً عائلية سيئة أثرت كثيرا في نفسيتك وشعرت بالغضب والحزن الشديد. يأتي مديرك ليسأل عما طلبه منك فتحاولين شرح كم كان يومك سيئاً وأن نفسيتك منهارة فيرفض سماعك ويقول: لا أهتم بذلك أنا فقط أريد ما عليك فعله!
ماذا ستشعرين؟ قيسي هذا الموقف على العديد من المواقف اليومية التي تكون بينك وبين أطفالك.
لا تنتهي القصة هنا، بعد انتهاء العمل أنت مرهقة وغاضبة جدا تخبري زوجك عن يومك ويرد عليك بطرق مختلفة، اقرئي كل واحدة بتأني وفكري كيف سيتكون ردة فعلك بعد كل منها:
1-رفض المشاعر: لماذا أنت غاضبة؟ لا شيء يدعو للغضب
2-الرد الفلسفي: ما كل ما يتمناه المرء يدركه، هل تريدين وظيفة مريحة وراتبا جيدا بدون تعب!
3-النصيحة: نصحتك سابقا أن تستقيلي من هذا العمل ولكنك لم تستمتعي إلي
4-التحقيق: كم مرة حدث هذا سابقا؟ كيف تصرف باقي زملائك؟ ماذا قال لك تحديدا؟
5-المدافع عن الطرف الآخر: مديرك يتعرض لضغوطات كثيرة لتحقيق الأرباح ولديه الحق في الضغط عليكم
6-الشفقة: يا إلهي كيف استطعت تحمل هذا إذا استمريت بتحمل هذه الضغوطات سوف تؤذي جسمك
7-طبيب نفسي غير محترف: الذي حصل هو انعكاس لحياتك ولماضيك الحقيقي: العلاقة بيك وبين مديرك كالعلاقة بينك وبين أبيك
8-التعاطف: يبدو أنك تعرضت لموقف صعب. حدوث هذا أمام زملائك لا بد أنه كان محرجا جدا خاصة بعد سماع تلك الأخبار السيئة
ما رأيك عزيزتي بكل صراحة وشفافية، أي هذه الردود سيجعلك تشعرين شعورا أحسن وسيساعدك على تجاوز يومك العصيب؟؟ بالتأكيد هو آخرهم رقم 9 فإحساسك أن أحدا ما يهتم بما تشعرين سيريحك ويجعلك تشعرين شعورا أفضل وأيضا سيساعدك على التفكير بشكل إيجابي حتى تتجاوزي ما حصل. وهذا هو تحديدا ما أريدك أن تتعاملي وتتصرفي مع أبنائك
تحتاجين بعض التدريب على ذلك ولكن ليس الأمر صعبا ولا مستحيلا، هذه هي الطريقة:
1-استمعي له بكل انتباه: ليس وأنت تقرئين من الهاتف ولا أنت تديرين له ظهرك
2-أقري واعترفي بمشاعره وأعطيها اسما: يبدو هذا مؤلما! اووووه لا بد أنك غاضب! يااااه كم هذا صعب!
3-تمني له أمنية يحبها ويحتاجها: أتمنى أن هذا لم يحدث، أتمنى لو أن لدي عصا سحرية تجعلك تنام سريعا
أعرف جيدا أن غريزة الأمومة تريدك عند كل موقف أن تعطي النصائح والإرشادات لابنك، أرجوك تمالكي نفسك قليلا واستخدمي هذه الخطوات وانظري كيف سيكون لها أثرا كبيرا في جعل ابنك يهدأ أولا ثم يفكر بشكل إيجابي لوحده، تقبلك لمشاعره سيجعل منه يفكر ويتصرف لوحده، وإذا رأيت أنه النصيحة بعدها بالطبع لا تتردي في توجيهها.
إذا كان الأمر ما يزال غامضا سأشرحه لك خلال هذه المواقف وبالمقارنة بين الطريقة التقليدية وطريقة استيعاب المشاعر:
-ماما أنا متعب ولا أرغب أن أدرس
الإجابة غير المفيدة: اذهب وادرس ولا تعد هذا الكلام، الدراسة والعلم هو أهم ما نملك
الإجابة الإيجابية: عزيزي يبدو أن الجلوس لساعات طويلة للدراسة أرهقك جدا
-أريد أن أضرب أحمد وأنزل منه الدماء
الإجابة غير المفيدة: إياك والحديث هكذا نحن لسنا مجرمين
الإجابة الإيجابية: هناك غضب شديد في صوتك يبدو أن شيئا حصل بينك وبين أحمد
-لا أريد أن يكون لدي أخت
الإجابة غير المفيدة: عيب ما تقوله غيرك يتمنى أن يكون له أخت
الإجابة الإيجابية: تبدو حزينا ومحبطا أخبرني ما حصل
-صديقتي سترحل إلى مدرسة أخرى لا أريد الذهاب إلى المدرسة
الإجابة غير المفيدة: ليس بالإمكان فعل أي شيء هذا حال الدنيا وستذهبين إلى المدرسة رغما عن أنفك
الإجابة الإيجابية: عزيزتي أنت حزينة لفراق صديقتك
-كان هذا حفلا غبيا
الإجابة غير المفيدة: ماذا تقول؟؟؟ هل تعرف كم كلفني هذا الحفل!
الإجابة الإيجابية: تبدو محبطا جدا فقد كنت متحمسا جدا للحفل سابقا
نقاط مهمة جدا:
-هذه المقترحات ليست كل الحوار بل هي بداية الحوار فقط، يمكنك بعدها بغريزتك وخبرتك التعامل مع الموقف وتوجيه ابنك كيف يتصرف
-نحن لا نشجع أبدا أطفالنا على فعل أي أمر سيئ ولا نوافقهم عليها، نحن فقط نريد استيعاب مشاعرهم أثناء غضبهم وتوترهم لنساعدهم لاحقا على فهم الصح من الخطأ
مع أطيب التمنيات بأمومة سعيدة وحياة عائلية مليئة بالتفاهم والحب
إذا شعرت أنك لا زلت تحتاجين إرشادات ومساعدة في تواصلك مع طفلك تواصلي معنا في مؤسسة ركن العائلة.
تعرفي على 3 قواعد ستقرب المسافات بينك وبين أبنائك