نسعى في رحلتنا في هذه الحياة إلى قطف كل ما هو الأجمل، فنسعى لتحقيق نجاحنا وتحقيق آمالنا. وتحمِلُنا أمالنا وطموحاتنا بتحقيق حياة أفضل لنا ولأولادنا لنطير إلى بلاد بعيدة حيث نرى أننا سنحقق أحلامنا هناك، لربما في غربتنا الكثير من الاشياء التي قمنا نحن باختيارها، واختياراتنا ممزوجة بالسعادة تارة وبأمور ترهقنا تارة أخرى، نعيش غربتنا بين واقع لابد أن تعايش معه، وبين ماضاً وذكريات عالقة في أذهاننا للعائلة الممتدة وبين مراقبة الأهل والأصدقاء والمناسبات الاجتماعية عن بعد، ونتحسر على ما فاتنا من مناسبات الزواج واعياد ميلاد ومواليد جدد وجمعة الأعياد. نواجه صعوبات عديدة من أهمها تربية الأبناء
وترى الآباء يجتهدون ويتبعون مختلف الأساليب والطرق التربوية في محاولة منهم لتنشئة أبنائهم بأفضل صورة، وبالرغم من اجتهاد الأم والأب على نقل العادات والتقاليد والثقافة العربية لأولادهم بشتى الطرق إلا أن التحديات كبيرة، وهذا ما أعيشه وأستمع إليه من خلال أحاديث الصديقات، فهذه تشتكي ابنها الصغير الذي يواجه صعوبة شديدة في تعلم اللغة العربية، وتلك التي تشتكي ابنها المراهق الذي هددته بالضرب إذا ارتفع صوته في وجهها، فكان رد فعله أنه لا يحق لها الإساءة إليه!! كيف يمكنه مقابلة كل الحب والرعاية له بهذه الطريقة الفظة!!
وما أثر في نفسي نظرة الحزن الشديدة في عيون سيدة طلبت نصيحة لطفلتها التي تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما! واتخذت قرار العيش لوحدها والاعتماد على نفسها، وطفلتها بحسب تعبير الأم _هي ما زالت تراها طفلة بعيونها _ مازالت صغيرة وكيف ستتخطى العادات والتقاليد وتخرج من بيت أبيها قبل الزواج؟؟ لماذا؟ ما الهدف؟
لماذا نواجه هذه المشاكل؟ لقد بذلنا كل جهدنا معهم؟ لماذا أبناؤنا لا يشبهوننا؟ هل الغربة السبب؟ هل اصدقائهم هم السبب؟ لربما المدرسة ام السوشال ميديا؟ لربما هي قوانين حقوق الطفل والإنسان؟ أم هي كل هذه الاسباب مجتمعه؟ دوامة يقع فيها الأهل عند أي مشكلة تصادفهم مع أولادهم.
عندما اخترنا الغربة لربما كانت أكبر المشاكل في أذهاننا ترتبط بالتأقلم وتأمين حياة أفضل ومستقبل أفضل لأبنائنا، ومع مرور الوقت ندرك أن الحفاظ على عائلة متوازنة مرتبطة بعاداتها وتقاليدها متعايشة في بلاد محتضنة العديد من الثقافات والحضارات واللغات هو التحدي الأكبر لنا.
لنستطيع مواجهة المشاكل والتحديات لا بد أن يكون هدفنا هو أن نندمج في المجتمع الذي نعيش لا أن ننصهر فيه، عليك عزيزتي الأم أن تكوني المثال الحي والقدوة الواعية لأولادك فلا بد أن تترجمي كل القيم والعادات إلى واقع في تصرفاتك فلا بد أن تفخري بأصولك وثقافاتك في كل مناسبة بلا خجل، الاعتداد باللغة الأم والتحدث بها واتقانها من الامور الأساسية، القلق الذي نعيشه بعيداً عن العائلة الممتدة ينتقل لا شعورياً لأبنائنا وشعور عدم الانتماء قد يخلق أزمة عند أطفالنا لذا لا بد من التعايش وفتح باب الحوار بشكل دائم وبدون قيود ولتعلمي أنّ مهمتك هي الوقوف بجانب أولادك ودعمهم بخياراتهم حتى وإن كانت مختلفة عن رغبتك أوغير مألوفة وقوفك بجانبهم بشكل دائم يحميهم ويشعرهم بالأمان وستكونين الملجأ الأول والأخير له.
تربية الأبناء مهمة صعبة أينما كنا ولكن صعوبتها في الغربة تختلف وتزيد بسبب اختلاف المجتمع والتحديات.
إليك عزيزتي الأم نصائح قد تساعدك على مواجهة صعوبات تربية الأبناء في الغربة.
-اخلقي شعور الوطن في البيت سواء عن طريق طهو وجبة من بلدك، أو الاستماع إلى موسيقى، تجمعات عائلية مع بعض الأصدقاء.
-نظام وروتين في البيت يساعد على خلق انتماء للأطفال للبيت، فطور مميز بالإجازة الأسبوعية، الاحتفال بالأعياد والمناسبات الاجتماعية، فهذا الالتزام والأجواء تساعدك على نقل شعور الوطن إلى وطنك الجديد في الغربة بيتك.
-الحوار الدائم والمنفتح مع أطفالك يساعدك على ابقاء قنوات الحوار مفتوحة معهم والاطلاع على طريقة تفكيرهم ومشاكلهم وحلها أولاً بأول، والحوار يساعدك على توجيههم ونصحهم بطريقة غير مباشرة.
-تعلمي الاستماع لمشاكل اطفالك بدون اصدار احكام، كوني لهم الملجأ الآمن فأحيانا كل ما يحتاجونه هو ان تستمعي لهم بأمان ودون إصدار أحكام.
-شاركي في نشاطات المدرسة والنوادي الرياضية وكوني متواجدة في حياة أولادك وأصدقائهم، افتحي بيتك لأصدقاء أبناءك.
-كوني على اتفاق مسبق مع الأب على جميع تفاصيل تربية الأبناء فاتفاقكم هذا يخلق نوع من الراحة والثقة عند ابناءكم.
لنتذكر أن أدياننا السماوية جميعها جميلة، وعلينا ألا نهمل القيم التي نستند عليها في حياتنا، وألا نهمل الذهاب لأماكن العبادة فهذه من الامور المهمة لربط الاسرة الصغيرة بأسرة أكبر في الغربة.
تصفحي أيضاً أفكار عملية ومفيدة في تنشئة المراهقين