انشري سؤالك
العنوان
سؤالك مختصر (اختياري)
اختاري موضوع
تجاهل

لينا أبو سمحة وندى الكيلاني: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

لينا أبو سمحة وندى الكيلاني: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

“طفلك لن يترك الكرسي المتحرك مدى الحياة. لا تحاولي عبثاً … دعينا نهيئ له المكان ونقدم له الخدمة كمستخدم لكرسي متحرك!” هذا ما قاله أحد الاطباء لأم طفلٍ مصاب بمرض الشلل الدماغي كرأي علمي بحت، دونما الانتباه لما تركه من تأثير سلبي عليها، لقد أفقدها الأمل!

فما حاجتها لمثل هذه الحقيقة الآن؛ أما حري به كطبيب مختص توجيهها للاستمرار في تقديم الرعاية الصحية والنفسية. كل ما كانت بحاجة له هو أمل بمستقبل أفضل، بغض النظر عن ماهية هذا “الأفضل”.

الأمل هو بمثابة الوقود الذي يحركنا في هذه الحياة “فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!”

فكوني أم لطفلة مصابة بالشلل الدماغي فإن فقداني الأمل خيار غير وارد أبداً، كنت أنتظر اللحظة التي تجلس بها طفلتي واللحظة التي تقف بها وتلك اللحظة التي تبدأ بأخذ خطواتها الأولى وبفضل من الله وجهود كبيرة استطاعت أن تقف!

 هي الآن بعمر الأربعة أعوام بدأت بأخذ عشرين خطوة أثناء التمارين ولكن بكل حذر وخوف. استطاعت ذلك ولكن لم تتقنه بعد لذا فان رجائي الآن هو أن تمشي بثبات مبتعدة بكل ثقة.

فقد يكون من أقسى ما نمر به كأهل لأطفال الشلل الدماغي هو انتظار النتائج وهذا الأمر مرهق للغاية وقد يكون طريق غير نافذ نهايته الاحباط واليأس، أذكر عندما كنت أوجه نفس السؤال لكل طبيب يكشف على طفلتي أو لكل معالج نقابله (هل ستمشي؟)  وكانت الاجابات متفاوتة.  فالبعض لم يكترث ولم يجبني معتمداً على الوضع الحالي لها في تلك اللحظات والبعض كان يقدم لي الإجابة بنعم ولكنها ستحتاج وقتاً. وهذا ما كان يثير غضبي أحيانا فكنت أتساءل إذً متى؟! ولكن هو أيضا ما كان يزرع بقلبي الحماس للعمل والاستمرار. إلى أن أجابني أحد الاختصاصين وقال: قد يهمك أن تمشي طفلتك بأسرع وقت ولكن انتبهي في العلاج الطبيعي لا يهم أن يمشي الطفل فقط! ولكن ما يهمنا أكثر هو كيف يمشي (مشيراً إلى نوعية الأداء الحركي) .. وهذا ما علق بذهني. حيث أن تدريب الدماغ البشري لتعويض الضرر ليس بالأمر السهل وإذا ما تدرب على طريقة خاطئة فهذا سيكون له عواقبه أيضاً!

غالباً ما نضع أمامنا كأهل توقعات لأطفالنا ضمن إطار زمني محدد! وهو غالباً ما قد يحبطنا؛ فليس من المفترض أن يكون للتوقيت أهمية، نعم أنا بحاجةٍ لرؤية طفلي يجلس ويقف ويمشي ويتطور بأسرع وقت لكن قد لا يحدث ذلك الآن.

لذلك يجب أن نكون واقعيين في آمالنا وتوقعاتنا لأطفالنا فلا يمكن أن أتوقع لطفلي أن يقف وهو لا يحسن الجلوس بعد، من الجميل أن نكافىء أنفسنا إذا ما حقق أطفالنا أي تطور مهما كان هذا التطور بسيطا. نعم قد نتلقى نظرات من المقربين تسخف من هذا التطور لأنهم ببساطه قد لا يقدرون كم بذل طفلنا مجهودا ليصل إلى هذا الإنجاز مهما بدا صغيراً، فأنا حتى اللحظة لا أنسي اليوم الذي اخذت فيه ميريانا خطوتين فقط! نعم، احتفلنا بذلك اليوم وتشاركنا الكنافة وتناولناها فرحاً بالإنجاز، وكان مذاقها مختلفاً وحلواً أكثر في فمي، فطفلتي قد تعبت كثيراً لتحقيق هذا التطور.

من المؤسف حقا اننا لا نعيش في عالم الخيال حيث لا يوجد وصفة سحرية ستحقق آمالنا.

قد ننجر إلى وعود مراكز العلاج والعلاجات الكاذبة فمنهم من يستغل آمالنا بتحسن أطفالنا نعم هناك من يستغلنا للأسف لذا يجب ان نكون واقعيين فيما نرجوه ونتوقعه لأطفالنا من العلاج المقدم لهم.

تصفحي أيضاً لينا أبو سمحة: وحصل ما كنت أخشاه!

سنطير إلى البيت

إن من اهم الامور التي نحن بحاجة لها هو مناقشة امالنا مع الاختصاصين والتحدث إليهم وهنا ستحدثكم أخصائية العلاج الطبيعي للأطفال السيدة ندى الكيلاني عن اهم الامور التي يجب التنويه لها والنصائح التي يجب تقديمها للأهل حتى لا يقعوا في الاحباط:

 -الاستمرار في رعاية الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة مهم فمنهم من يحتاج العلاج الطبيعي أو الوظيفي أو جلسات لتحسين النطق، بحسب حالة الطفل.

– يجب مناقشة الطبيب والفريق المختص المباشرة بوضع الخطة العلاجية المناسبة.

– ولكن ما هو اهم هو الالتزام بهذه الخطة والاستمرار يوما بعد يوم لتحقيق الهدف.

نعم قد لا يستطيع الطفل تحقيق امال الاهل فيه ولكن لا يزال هناك مجال للتحسن فمن خبرتي كمعالجة فان أكثر ما قد يزيد الطين بلة هو ترك الطفل بلا عناية وفقدان الاهل الأمل بتحسنه.

كما من المهم تنبيه الأهل بأن العلاج الطبيعي لأطفال الشلل الدماغي هو بمثابة أسلوب حياة لاطفالهم، يجب ان يتأقلموا مع حاجات الطفل ويحفزوه ليعطي أكثر فمثلا قد يكون أحد الاطفال نتيجة الشلل الدماغي معتمدا بشكل أكبر على استخدام يده اليمين مهملا يده اليسار، هنا يجب تحفيزه لاستخدامها بتقديم الالعاب ليتناولها بيده اليسار وعدم التساهل في توجيهات الاختصاصيين.

يتمحور دوري كأخصائية علاج طبيعي في تحفيز الأهل للالتزام بالخطة العلاجية المقدمة من الفريق الطبي المختص ومناقشتها معهم وتوجيه الأهل لأبسط السبل لتطبيقها عمليا. حيث يقاس مقدار التحسن بالانتقال من مهارة حركية الى مهارة أكثر تقدماً أو قد يكون هناك تطور في نوعية الأداء الحركي لنفس المهارة وحتى لو كان بسيطا فهذا بحد ذاته تقدم.

ويجب ان تكون الخطه العلاجية سهلة التطبيق ومتجددة وممتعة للطفل ومتنوعة بحيث ممكن عمل التمرين لنفس الهدف بأكثر من طريقه حتى يتفاعل الطفل ويعطي أفضل النتائج ولا يمل من العلاج.

عندها أستطيع ان أقدر مدى تفاؤل الأهل بعلاج طفلهم أو احباطهم.. فنصيحتي لهم:

-أن لا يستسلموا ويلتزموا بالخطة العلاجية مهما اخذت من وقت. ومناقشة الخطة العلاجية من الفريق الطبي للتجديد والتحديث لمناسبة احتياجات الطفل وتطور قدراته.

-ان لا يفقدوا الامل حتى لو كانت حالة الطفل صعبه بل على العكس ليتعاملوا معه كتحدي أكبر ويصمموا على تحسين حياته.

-العمل على تطوير قدرات الطفل بهدف الاعتماد على نفسه ضمن امكانياته في مهاراته الحياتية.

-تبسيط الامر وعدم المبالغة في المشاعر فاذا ما انجبرت على التعايش مع واقع لا يعجبك تذكر (عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم).

-تبني العلاج الطبيعي كأسلوب حياة لأطفالهم فلا يترك الطفل بمجرد انتهاء الجلسة العلاجية المقدمة من الاختصاصي. فالاختصاصي يقوم فقط بتوجيه الأهل والدور مشترك بينهم.

-إذا ما احتاج الاهل الى دعم نفسي فلا تقلق هناك من يستطيع المساعده فلا تخجل من طلبها فهذا لمصلحتك ومصلحة طفلك.

انا كذلك أم وأستطيع ان اشعر مدى خوف الاهل وأقدر رغباتهم. نعم يوجد تحدي كبير لكن هذا قدر وعلينا اولا تقبله وتقديم اللازم كأهل … فهذا هو واجبنا تجاههم.

ندى سليمان محمد زيد الكيلاني

أخصائية علاج طبيعي أطفال خريجة الجامعة الأردنية عام 2005 حاصلة على أكثر من عشر سنوات خبرة من داخل الأردن وخارجه وعلى شهادات ودورات معتمدة دوليا من خارج الأردن في مجالات مختلفة تختص بالعلاج الطبيعي تبحث في مجال العلاجات المتوفرة لحالات الشلل الدماغي عند الأطفال.

ندى الكيلاني

انضمي للنقاش