انشري سؤالك
العنوان
سؤالك مختصر (اختياري)
اختاري موضوع
تجاهل

وظيفة الأم وظيفة بدوام كامل

وظيفة الأم وظيفة بدوام كامل

الوظيفة الوحيدة في العالم التي بلا إجازات، بلا أعذار، بلا اعتبارات شخصية. منذُ ولادة طفلك صرتِ بشكلٍ ما بطلةٌ خارقة، كائنٌ خرافي لا يشعر بالتعب. وحدها الأم تضحك على النكات المُكررة وتستمع لذات الحكايات بلُغةٍ لا يفهمها غيرها بنفس شغف المرة الأولى!

تُشارك الأم في اللعب وهي تطهو الطعام وتفكر في الوجبة التالية وتنتظر الغسالة لتنتهي وترتبُ في رأسها المهمات المتبقية، مواعيد الدواء إن وُجد، قائمة المشتريات الأسبوعية، المناسبات والواجبات الاجتماعية، وقد تمتلك موهبة الابتكار فتفكر في أنشطة جديدة تصنعها لطفلها أو تؤلف حكايةً جديدة لوقت النوم.

لا تملُ الأم من الإجابة على كل الأسئلة، فتجيبُ على السؤال الألف بنفس اهتمام السؤال الأول!  تطيرُ فرحاً عندما يفتح طفلها فمه أخيراً بعد المحاولة المئة ليتناول نصف ملعقة من طعام تعده منذُ الصباح وتستمرُ برغم كل شئ في المحاولة، فهي أبداً لا تعرف اليأس بل وليس خياراً متاحاً أصلاً! فمن لطفلها إن يئست هي!؟

الأم هي المُعجبة الأولى والمشجعة المُخلصة لطفلها، قلبها يدق مع كل خطوة يخطوها طفلها طوال العمر وكأنها الخطوة الأولى، تطرب لكل كلمة متلعثمة يقولها وكأنها الكلمة الأولى! لا تتوقف عن الثناء والتشجيع طوال اليوم على كل شيء مهما صغُر، فهي دائماً وأبداً فخورة.

تمرضُ الأم لمرض طفلها ربما أكثر منه، تتألم لألمه أضعافاً كثيرة! يتوقف العالم بارتفاع حرارته ويملأها القلق عند كل سعال أو عطسة أو ندبة صغيرة.

تنتظر بفارغ الصبر ذهابهم للروضة أو المدرسة لترتاح كما أخبرها الجميع، فتبكي أكثر منهم لفراقهم وظل طوال ساعات دوامهم منشغلةً بهم، قلقةً عليهم، تدعو الله أن يحفظهم سالمين من كل شر، تكاد في كل ربع ساعة تتصفح صورهم وتفتقد ضحكاتهم وصراخهم وبعثرتهم لألعابهم و لا يهدا قلبها إلا بعد عودتهم.

تبحثُ الأمهات دوماً عن الكمال وإن لم تكن مثاليةً فيما يخصها، إلا أنها وفيما يتعلق بأطفالها لا تتوانى أبداً عن العطاء والبحث عن المثالية فلا تتوقف عن الشعور بالتقصير والبحث دوماً عما هو أفضل، ولا تعطي الثقة مطلقة لأيٍ كان ليعتني بصغارها.

حتى إن خصصت لنفسها وقتٌ خاص لا تتوقف عن التفكير في صغارها، هل كانت أماً جيدة اليوم؟ هل هم دافئون؟ هل هم سعداء؟ كيف ستوقظهم غداً؟ وماذا ستطهو؟ وكيف ستفاجئهم عند عودتهم من المدرسة؟ إلى آخره!

لا تملكُ رفاهية المرض.. فهي تعمل بدوامٍ كامل جميع أيام الأسبوع لأربعٍ وعشرين ساعة على مدار العام وكل عام!

عليها أن تمارس مهامها جميعاً وهي مريضة وقد تنسى أن تُعد لنفسها مشروباً ساخناً ولا تلاحظ أصلاً مرضها أو احتياجها لتناول دواء ما.

فقط عندما ينتهي اليوم وينام الصغار تنتبه، تتفاجأ، تشعرُ بكل الآلام دفعةً واحدة، كأنه انفجار ينتظر الوقت المناسب لينفجر!

فتتعجب متى تجمعت كل تلك الآلام التي لم تلاحظها! متى أصيبت بتلك الكدمة؟ ومتى احترق اصبعها؟ وكيف أكملت الجلي وحمام طفلها بذلك الإصبع الملتهب؟ كيف انحنت طوال اليوم بذلك الظهر الذي يؤلمها الآن؟ وكيف أجابت على كل تلك الأسئلة وقرأت القصص وضحكت وأقنعت وناقشت وتحاورت بذلك الصوت المبحوح والحنجرة الملتهبة!

لا تسمحي لأحدٍ أبداً أياً كان أن يبخس مجهودك وتعبك مع صغارك. فأنتِ خارقة.. أنتِ أمٌ بدوامٍ كامل. ولا يمكن لغيرك أن يقدم حياته وقلبه طواعيةً لأطفاله مثلك.

كوني ممتنة للوظيفة التي اختارها لكِ الله، فكرمكِ وجعل الجنة تحت أقدامكِ إن أتممتها كما ينبغي. فقط احتضني أطفالك طويلاً بصدق، واتبعي حدسك وصوت أمومتك، حتماً سيرشدكِ إلى الطريق.


انضمي للنقاش