ينصح خبراء الصحة النفسية وتطوير الذات القادة بتدوين مشاعرهم ويومياتهم بهدف قياس مدى تحقيق الأهداف وتنظيم الوقت وتعزيز المهارات القيادية والشعور بالراحة لديهم. ولا يوجد قائدة أعظم منكِ عزيزتي الأم في قيادة رحلة المهام المتعلقة بذاتك وأسرتك وبيتك، نعلم جيداً أنكِ كأم تقومين بتدوين معظم الالتزامات والحاجات المطلوب الحصول عليها، ولكن هل تحرصين على تدوين مشاعرك وأهدافك الخاصة بنفس القدر؟ الأم القائدة الناجحة لا تقل أهمية عن القادة العظماء الذين لا يستغنون عن التدوين، لذلك جمعنا لكِ في هذا المقال كل ما تحتاجين معرفته عن أهمية التدوين وكيفية التدوين بأشكال مختلفة تناسبك.
بدايةً، ما هو التدوين وما هي أنواع التدوين؟
عُرف التدوين لدى المفكرين والقادة العظماء على مر تاريخ العصور، بتدوين المشاعر واللحظات التي يعيشها المرء، ومن أشهر المدونين قبل الميلاد: الإمبراطور الروماني ماركوس والذي جمع خواطره في كتابه الشهير (MEDITATIONS)، بينما يُعد ابن الجوزي صاحب كتاب (صيد الخاطر)، الذي يتضمن مجموعة من الخواطر غير المرتبطة ببعض، من أشهر المدونين العرب.
ليس من الضروري أن تكون طريقة التدوين كتابيةً على الورقة والقلم، أو على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف، فتم استحداث طرق جديدة للتدوين صوتياً باستخدام تطبيقات ومواقع متخصصة بالتدوين حيث يتم تسجيل المدونات صوتياً وكتابتها رقمياً وبذلك تسهل العودة إليها لاحقاً بهدف المقارنة وقياس التطور والتحسين، كما يمكن للتدوين أن يكون رقمياً بتصوير مقاطع فيديو والعودة لرؤيتها بين الحين والآخر يعد خياراً إضافياً كذلك.
وهنالك نوع آخر للتدوين يناسب تلك الشخصيات التي تجد صعوبة في التعبير عبر الكتابة والبوح الشفهي، وهو التدوين بالرسم، حيث يمكن رسم أحداث اليوم أو التعبير عن الذات والمشاعر برسمات ورموز مختلفة.
ومن جهةٍ أخرى، ينقسم التدوين لأنواع أخرى حسب الغاية والهدف منه، فقد يكون التدوين:
1| شهرياً بهدف تحديد المناسبات الاجتماعية والاجتماعات المهنية الهامة كحفلات أعياد الميلاد في نطاق الأهل والأصدقاء والاجتماعات الشهرية أو البرامج التدريبية أو الأيام العالمية الهامة في نطاق العمل.
2| أسبوعياً أو يومياً بهدف إنجاز مهام معينة أسرياً ومهنياً وصحياً مثل مواعيد الأطباء.
3| يوميًا بهدف تحفيز مشاعر الامتنان والسعادة صباحاً أو مساءً.
ما أهمية التدوين؟
تعد فوائد التدوين كثيرة، بهدف قياس مدى التحسين والتطور وتنظيم الوقت وتعزيز الشعور بالراحة وغيرها من فوائد كما ذُكر، ولكن ما هي أهمية التدوين للأمهات تحديداً؟
1| تخفيف العبء الذهني
نعلم جيداً أن المهام والمسؤوليات قد ازدادت بعد الأمومة، خاصةً لو أنك كنتِ تخوضين تجربة الأمومة لأول مرة، ما يجعلك عرضةً للوصول لمرحلة الإجهاد والعبء الذهني، وهنا تأتي أهمية التدوين والتعبير. حيث أشار الدكتور جيمس دبليو بينيبكر، أستاذ في جامعة تكساس ومؤلف كتاب “الكتابة للشفاء: مجلة موجهة للتعافي من الصدمات والاضطرابات العاطفية” إلى أنه هنالك عدد قليل جدًا من الأمور التي يمكن أن تكون أكثر تأهيلاً من إنجاب طفلك الأول، والذي يعد تحولاً كبيراً في حياة المرأة عموماً.
وقال الدكتور جيمس أيضاً: “تظهر الدراسات أن كتابة اليوميات تهدئ العقل والجسد وتمنحك فرصة للتأمل. فلقد أجريت كمية هائلة من الأبحاث التي أظهرت أنه إذا خصص الناس من حين لآخر 15 إلى 20 دقيقة يوميًا لمدة إجمالية تبلغ 3 إلى 4 أيام، وكتبوا عن أعمق الأفكار والمشاعر حول الأمور التي تحدث في حياتهم، فإن ذلك له تأثيرات مفيدة على الصحة العقلية والجسدية للناس. وقد وجد أن هذا مفيد بشكل خاص للأشخاص الذين يمرون بتحولات في حياتهم كالأمهات.”
2| تعزيز مشاعر السعادة والتفاؤل والامتنان
وأوضح الكتاب ذاته “الكتابة للشفاء” للدكتور جيمس، بأن الأشخاص الذين يمارسون الكتابة التعبيرية والتدوين يشعرون بسعادة أكبر وشعور أقل سلبية مقارنة بما كانوا عليه قبل الكتابة. وعلى نحو مماثل، تميل تقارير أعراض الاكتئاب والتأمل والقلق العام إلى الانخفاض في الأسابيع والأشهر التي تلي الكتابة عن الاضطرابات العاطفية.”
كما أشارت نتائج اختبارات لدراسة نشرها موقع Science Direct إلى أنه هنالك زيادة كبيرة ملحوظة إحصائيًا في مستويات التفاؤل والامتنان لدى الأمهات بعد اتباعهن لطرق التدوين الكتابية، لا سيما الأمهات اللواتي واجهن مشاكل مع الوالدين سابقاً، حيث تعزز أساليب الكتابة والتدوين لديهن القدرة على مواجهة المشاعر والعواطف.
3| تفريغ المشاعر السلبية
كل ما ذكرته الدراسات السابقة سيعزز مع الوقت التخلص من أكبر قدر ممكن من المشاعر السلبية التي تتخزن بالجسد على شكل آلام أحياناً، وفي ذاكرة العقل الواعي واللاواعي كذلك. وللحصول على أفضل نتائج ممكنة من التدوين، ينصح خبراء التنمية البشرية بالتخلص من الأوراق التي تحمل مشاعراً وأحداثاً سلبية عبر تمزيقها وعدم معاودة النظر إليها لاحقاً.
4| التطور والإبداع
إن الالتزام بالتدوين والنجاح في تنظيم الوقت والتعامل مع المشاعر السلبية الناتجة عن مشكلات في الماضي، سيساهم مع الوقت في تعزيز مستوى التطور والإبداع لدى الأمهات، سواءً كان على صعيد مهني وشخصي في مشروع أو وظيفة ما، أو حتى على صعيد عطائها تجاه أبنائها وأسرتها.
5| تقوية الذاكرة وتجنب الأمراض
إن كل ما ذُكر من فوائد للتدوين، يساهم بشكل كبير في تقوية الذاكرة لدى الأمهات، خاصةً أن كل المهام المطلوبة منها قد تمّ تدوينها على الورق أو على الهاتف. كما أن الدراسات قد أثبتت بأن الكتابة التعبيرية والتدوين تساهم في كل من:
– المساعدة في خفض ضغط الدم.
– تحسين وظائف الكبد ومشاكل القولون العصبي.
– تقليل فترة الجلوس في المستشفى.
عزيزتي الأم، بعد اختيارك لطريقة التدوين الأنسب لكِ، ومعرفة فوائد التدوين، هل ستبدئين رحلتك في التدوين؟
