انشري سؤالك
العنوان
سؤالك مختصر (اختياري)
اختاري موضوع
تجاهل

أفكار مجربة لجعل التعليم عن بعد أقل توتراً وأكثر نجاحاً

أفكار مجربة لجعل التعليم عن بعد أقل توتراً وأكثر نجاحاً

بدأنا هذا العام بشكلٍ طبيعي، ثم ومع مرور الربع الأول منه، واجهنا تحدياتٍ صعبة، وتغيرت حياتنا بشكلٍ كامل، تخطينا العديد منها بتعاوننا وإصرارنا وقوة إيماننا، وما زلنا نحارب.إن من أصعب التحديات التي واجهناها تحوّل حياتنا إلى حياةٍ عن بعد،  ودخل حياتنا مفهوم التعليم عن بعد ومن أكثر الأحداث المؤسفة التي حدثت لنا هو الإغلاق. فانتشار فايروس خطير في عالمنا، دفعنا إلى ملازمة بيوتنا والإنعزال إجتماعياً. ولكن أكثر ما أثار حزني وحزن أطفالي هو إغلاق المدارس! والتحول إلى التعليم عن بعد نعم صحتنا هي الأساس وصحة أطفالنا أولوية، ولكن أن نرى هذا الصرح التعليمي المتجذّر في قلوبنا، أن نرى منارة العقل المدرسة الشامخة دون طلاب، دون ضحكاتٍ وألوان، دون معلمين وكتب، أثار في أنفسنا حزناً وكآبة، فكأنما طفلٌ يقوى بوجود أمه وبغيابها انطفأ، هكذا كنّا.

ولأن العلم هو وسامٌ يزين العقل، ولأننا جيلٌ يقدّس التعليم، ولأننا حريصون أن ننشيء جيلاً متعلماً واعياً مثقفاً واثقاً ومنفتحاً، كان الحل الأمثل هو التوجه إلى التعليم عن بعد.

التعليم عن بعد مصطلحٌ لم نكن نسمع به كثيراً قبل هذا العام، ولكن مع لجوئنا اليه أصبح جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، وكأي تجربة جديدة، فقد حمل التعليم عن بعد العديد من الصعاب والتحديات للطلاب والمعلمين والآباء، ولكن مع القليل من المرونة والقليل من التعاون والتقدير، سنتخطى هذا سوياً كما تخطينا تحدياتٍ أصعب.

شخصياً، واجهت بعض التحديات في البداية، التي ولّدها الخوف والقلق، وغذّتها قلة الخبرة في التجربة الجديدة، ولكن مع الوقت، استطعت أن أبتكر بعض الطرق التي جعلت هذه التجربة أكثر نجاحاً وأقلُّ جهداً، والتي سأشاركها معكم علّها تسهل عليكم وعلى أطفالكم.

أفكار لجعل التعليم عم بعد أقل توتراً وأكثر نجاحاً

1- التحضير المسبق

في كل ليلة، أتعاون وأطفالي على تجهيز كافة الأشياء التي سنحتاج إليها في الصباح التالي، فنبدأ بإعداد وجباتٍ خفيفة صحية لتناولها في وقت الفراغ، كما نجهز الحقائب والكتب وأوراق العمل والأقلام، ونشحن جميع الأجهزة الإلكترونية التي يحتاجون لها في عملية التعلم عن بعد، من حاسوبٍ محمول أو جهازٍ لوحي أو حتى السماعات، نتأكد أن كل شيءٍ قد تم شحنه تماماً قبل النوم، نوزع الأجهزة على المكاتب التي سندرس عليها، لنستيقظ في اليوم التالي مستعدين جاهزين دون توتر، ونبدأ يومنا بهدوءٍ وصفاء.

أعتبر هذه الخطوة من أهم الخطوات التي تساعد في تخفيف الضغط عني وعن أطفالي، وهكذا نبدأ الصباح بسلام.

2- بدء اليوم المدرسي بنشاط

نستيقظ عادة قبل بدء موعد الحصة الأولى بساعة، فنغتسل ونتناول إفطاراً صحياً، ونمارس التمارين الرياضية المعتادة التي تمدهم بالنشاط، ليبدأوا يومهم منفتحين العقل والروح. حدثتني صديقتي عن هذه الفكرة مؤكدة على تأثيرها الإيجابي على أطفالها، فما كان لي إلا أن أطبق نصيحتها مع أطفالي، وأحفزهم ليبدأوا يومهم بهذا الشكل، لألاحظ بدوري الفرق الإيجابي عليهم وعلى نشاطهم وحيوتيهم. فاجعلي الإفطار الصحي وبعض التمارين الصباحية جزء أساسي من صباحكم والحظي الفرق.

3- التخطيط لوقت الفراغ بذكاء

فمن المهم أن يتضمن هذا الوقت نشاطاتٍ حركية، فالحركة جزء من شخصية الطفل، والأطفال لديهم طاقة كبيرة يجب تفريغها بطرقٍ سليمة، دعي الطفل يختار نشاطاً إضافياً يرغب بالقيام به بعيداً عن أي شاشة، كالقراءة أو التأمل أو الغناء أو حتى اليوغا، أيّاً كان النشاط الذي يريده أو الذي يمده بالسعادة، دعيه يمارسه حتى نقلل شعوره بالجمود والملل، فتلقي التعليم عن طريق الشاشات أمرٌ صعبٌ وممل للكثير من الأطفال، فشجعيه على الاستمرار بكسر هذا الجمود.

4- كوني مرنة مع طفلك

العملية التعليمية الصحية تتم عن طريق الذهاب التقليدي إلى المدرسة، الاختلاط مع طلابٍ آخرين، الأحاديث الصغيرة بين طلاب الصف، رؤية المعلم، إمساك القلم والورقة…الخ، فليس من السهل أبداً على الأطفال استبدال كل هذا بالتعلم إلكترونياً وعن بعد. ومع ذلك، أثبت الأطفال أنهم صبورين رائعين وجبارين، يحاولون كل جهدهم حتى يتعلموا، أطفالنا أقوياء تحملوا شيئاً أكبر من عمرهم ومن قدرة تحملهم، فيجب علينا تقدير جهدهم وشكرهم عليه، فلو أبدى طفلك ملله أو انزعاجه، لا تغضبي فهذا أمرٌ طبيعي، بل خففي عنه. عندما يبدأ طفلي ذو الأربع سنوات بالبكاء لأنه لا يريد الجلوس لوقتٍ أكثر، أعتذر من معلمته بعد أن أشرح لها سبب بكائه، أضع القليل من المكعبات أمامه أو أعطيه بعض الحلويات، أحفزه وأشجعه بالكلام، أعده أن نذهب لتناول المثلجات بعد انتهاء دروس اليوم، وأسمح له بالتحرك قليلاً، فليس ذنبه أن يتلقى التعليم بشكلٍ بعيدٍ عن الشكل الطبيعي، ومن حقه أن يبدي انزعاجه، ومن واجبي أن أساعده بأن أكون أكثر مرونة معه ومع متطلباته الحركية، دون غضب، دون توتر، دون صراخ. سيمر اليوم أيضاً، فدعيه يمر بسلام ٍ وسلاسة، فصحة أطفالنا النفسية مهمة بقدر أهمية صحتهم الجسدية والعقلية.

5- اسمحي لطفلك اختيار المكان الذي يرغب بالدراسة فيه

فمن الجيد أن يختار الطفل المكان المناسب له والذي يشعر به بالراحة والألفة والأمان، فلا ضير من أن يجلس على المكتب، أو على طاولة في غرفته أو حتى في غرفة الجلوس، ولا ترفضي حاجته اذا طلب تغيير مكانه لأكثر من مكانٍ خلال اليوم الدراسي الواحد، فالجلوس لفتراتٍ طويلة في مكانٍ واحد متعبٌ وممل، حددي خياراته في أماكن محددة ومختلفة من المنزل وشجعيه على ذلك، سيصبح قليل التململ والشكوى، لأن الحركة –كما ذكرت سابقاً- جزء من شخصية الطفل التي يجب علينا احترامها وتفهمها.

6- أزيلي الملهيات من غرفة الدراسة

سواء جلس طفلك في مكانٍ واحد أو تنقل بين عدة غرف، يجب أن نعد الغرفة بشكلٍ مناسب، فعادة ما أسمح لأطفالي باختيار غرفة الدراسة، ثم أبدأ بإزالة الملهيات من هذه الغرفة. فيجب أن تكون غرفة خالية من التلفاز، وإذا احتوت على الألعاب، أقوم بإزالتها ونقلها لمكانٍ آخر، وكما أحرص على إضاءة الغرفة بشكلٍ مناسب، وأسمح لضوء النهار بالدخول لها، فهو يعطي تفاؤل وطاقة إيجابية يحتاجها الطفل ليكمل يومه بنشاط.

مع ذلك، فأنا شخصياً أضع القليل من المكعبات لطفلي على طاولة الدراسة، فهذا يتناسب مع شخصيته ويساعده على التركيز بشكلٍ أفضل، فإذا احتاج طفلك لبعض الاستثناءات التي لا تؤثر سلباً على يومه الدراسي، قومي بها دون تردد.

7- راجعي الدروس مع أطفالك أسبوعياً

لا جدال بأن التحصيل العلمي عن طريق الدراسة التقليدية بالمدرسة، أفضل وأعلى منه عن طريق الدراسة عن بعد، فلا شيء يعادل وجود المعلم أمام الطالب، يشرح بصوتٍ واضحٍ ومخارج حرفٍ مرئية، ويستحوذ على جلّ إهتمام الطفل وانتباهه، لتصل المعلومات إلى الطفل بشكلٍ كاملٍ وسلس. ومع عدم وجود المعلم والطفل بغرفة صفية واحدة، فمن السهل أن يتشتت انتباه الطفل، وأن يستصعب معلومة معينة. فمن الأفضل أن تقومي عزيزتي بمراجعة الدروس مع طفلك حتى ترسخ المعلومات لديه بشكلٍ أفضل، وحتى تلاحظي الضعف -إن وجد- قبل أن يتراكم، وبالتالي سيستفيد طفلك من التعليم عن بعد لأقصى حد.

8- شجعيه على التحدث مع معلمته وزملاؤه

أغلب التطبيقات التي تستخدمها المدارس لدعم التعليم عن بعد، تتيح للطلاب رؤية بعضهم البعض أو تبادل الحديث، فإذا كان هذا الخيار مطروحٌ ومسموح من قِبَل المدرسة، شجعي طفلك على القيام به، فرؤيته لأولاد صفه والحديث إليهم، يمنحه شعور القرب منهم بشكلٍ أو بآخر، لهذا أشجع ابنتي بالتحدث مع الطلاب الآخرين في الفراغ بين الحصص المدرسية، ومع معلميها إن أمكن، فأصبحت تشعر بالانتماء لهم، وبالألفة بينهم، وبالتالي زاد إحترامها لمعلميها وزاد حماسها للعملية التعليمية بشكلٍ عام.

9- تحدثي مع طفلك عن الجهد المبذول من أجله

جلستُ مع أطفالي، رويتُ لهم قصة واقعية عن البطولة، أبطالها الحكومة الرشيدة ووزارة التربية والتعليم، والمدرسة بكل كادرها، والمعلمين، لننضم لاحقاً أنا ووالدهم لهذا الدور، رويتُ لهم قصة المعلم البطل الرائع، الذي يبذل أقصى ما يستطيع من جهدٍ على حساب راحته، والذي يضحي بوقته ويصل الليل بالنهار في الكثير من الأحيان حتى يقدم للطالب أرقى وأفضل تعليمٍ ممكن، أخبرتهم أن هناك أبطالاً خلف الكواليس، أبطال الدعم الفني التكنولوجي، الذين يعملون في ظلّ ظروفٍ صعبة حرصاً على إستمرار التعليم، فهم حجر الأساس الذي بنيّ عليه الكثير. قصصت لهم كيف إتحد كلّ هؤلاء الأبطال جميعاً، يعملون بتنظيمٍ وتنسيق على مدار الساعة كخلية نحل، ويقدمون التضحيات وكلّ ما أمكن في سبيل التعليم وفي سبيل استمراره. علّمتهم أن من واجبهم كطلاب أن يحترموا هذا الجهد المبذول لأجلهم، وأن يتعاونوا مع المعلم ويتبعوا توجيهات المدرسة، وأن يتقبلوا هذا التغيير ويتماشوا معه.

مهما كان عمر طفلك، ستجدي طريقة مناسبة للتحدث معه بلغة بسيطة تتناسب مع ادراكه. عندما يعي الطفل ما بُذل من أجله، ستتغير نظرته كاملة، وسيبذل جهده لرد الجميل من خلال تقبله أكثر لهذه الطريقة من التعليم، وسيصبح منفتحاً أكثر لمواكبة التغيير وتقبله.

أما أنت عزيزتي، إذا شعرتي بالإحباط بسبب ضغوطات التعليم عن بعد، فقومي بإحصاء النعم التي ساعدت باستمرار تلقي طفلك التعليم، فكري بالأمر كتجربة فريدة لطفلك ولكِ، تُعلِّمكم كيف تتأقلمون من الظروف، فكري بكم المهارات التي اكتسبها وسيكتسبها طفلك بالتعامل مع الأزمات وبكيفية التأقلم، تذكري أنه رغم الوباء، رغم الجائحة، رغم كل شيءٍ آخر، مستمرون بالتعلّم والتعليم، مستمرون بالتطور والتقدم والإنجاز، مؤمنين بأن هذا الوقت سيمضي وسنتذكره لاحقاً وسنفخر بأنفسنا إلى أقصى حد.

 

للمزيد من تجارب تسنيم الإيجابية تصفحي تجربة ناجحة في تشجيع الأطفال على القراءة

تعرفي على منتجات أساسية لإنجاح تجربة الدراسة عن بعد


انضمي للنقاش