انشري سؤالك
العنوان
سؤالك مختصر (اختياري)
اختاري موضوع
تجاهل

الأمومة في ظل الأحداث في فلسطين

الأمومة في ظل الأحداث في فلسطين

لا يقتصر الاحتراق النفسي والضغوطات العديدة التي تعاني منها الأمهات اليوم بسبب الأحداث الصعبة في فلسطين المحتلة، على الأمهات داخل فلسطين فقط. بل تتعرض الأمهات خارج فلسطين أيضاً لاحتراق نفسي وضغوطات نفسية جراء هذه الأحداث. فكيف يمكن التعامل مع هذه المشاعر؟ وما هو دور الأم في مثل هذه الظروف الصعبة؟ الإجابات في هذا المقال.

 ما هو تأثير الأحداث الجارية في فلسطين على الأمهات؟

لا شك أن مشاهدة الأحداث باستمرار يسبب للأمهات الكثير من الضغط النفسي. حيث أن مشاهدة الأحداث يسبب ما يعرف باسم الصدمة الثانوية، حيث أننا نشاهد صدمة الآخرين فنعاني بالتالي من الصدمة نحن أيضاً. من أهم أعراض الشعور بالصدمة الثانوية:

 الشعور بالتعب والإرهاق، وعدم امتلاك الطاقة الكافية. بالإضافة إلى الشعور بفقدان الأمل، وعدم القدرة على متابعة الحياة بشكل طبيعي. وهناك تغيرات سلوكية مثل اضطرابات الطعام، واضطرابات النوم. تؤثر كل هذه الأعراض على إنتاجية الأم، سواء كانت أم عاملة، أم لا. فحتى إن استطاعت الأم القيام ببعض الإنتاجية في ظل هذه المشاعر ستكون إنتاجية ضعيفة بدون أي شغف. وذلك بسبب ضعف التركيز، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات. ويؤثر الشعور بالصدمة الثانوية على الحياة الاجتماعية أيضاً فلا تعود الأم ترغب بالخروج ومخالطة الناس ولقاء الصديقات.

والشعور الآخر الذي يتملك الأمهات الشعور بالذنب، وهو شعور صعب جداً وذلك لأن حياة الأم طبيعية وآمنة مع أطفالها وهو ما يعرف أيضاً باسم   Survivors guilt

ما هي الحلول للتعامل مع هذه المشاعر؟

-محاولة الفصل بين الأحداث الجارية والحياة اليومية. متابعة الأخبار لفترة وجيزة ثم الاستمرار بالنشاطات اليومية بشكل طبيعي.

-إذا وجدت الأم أن تأثير مقاطع الفيديو والصور سلبي جداً عليها، يمكنها الاكتفاء بقراءة الأخبار، وعدم الشعور بالذنب لعدم مشاهدة هذه الصور والمقاطع.

-القيام بنشاط حركي، أو أي نشاط تحبه الأم مثل الخبز أو تنسيق الزهور.

-المساهمة بنشر محتوى إيجابي وداعم ورافع للمعنويات. طاقتك تنتقل لغيرك، لذلك احرصي على نقل صورة إيجابية وداعمة، وبيني الشعب الفلسطيني بصورة صاحب الحق وليس بصورة الضحية. أخبري أمهات فلسطين أنك فخورة بصمودهن وليس أنك مشفقة عليهن.

-تصرفي بإيجابية حول أطفالك، وكوني محفزة لهم. إذا وجدت أنك لا تستطيعين التحلي بالإيجابية، عليك الاعتراف بوجود مشاعر سلبية ووجود مشاعر من اليأس. وتعرفي على مسبباتها، وتخلصي منها بشكل إيجابي. لا تكوني ضحية الاحتراق، فتتوقفي عن دعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني.

-قدري لنفسك أي مساهمة تقومين بها خلال هذه الأحداث، قدري نفسك لقيامك بالدعاء لأهل فلسطين، وقدري نفسك عندما تجلسين مع أطفالك لتحدثيهم عن فلسطين. قدري نفسك لأنك شاركت منشور يؤازرهم عبر وسائل التواصل. فهذا التقدير سيخفف من الشعور بالذنب والصدمة أيضاً.

من الجدير بالذكر أنه عند مشاهدة مقابلات مع أهلنا في فلسطين نجدهم يتسمون بروح معنوية عالية وثقة غير اعتيادية، حتى أن نقول وضعهم أحسن من وضعنا. وفي الحقيقة وضعهم النفسي مختلف عن وضعنا فهم لا يشعرون بالاحتراق النفسي، والشعور بالذنب، فهم بالرغم من المآسي التي يعيشونها، حياتهم لا تتوقف، ويستمرون بالقيام بنشاطاتهم قدر المستطاع بينما نجلس نحن بدون حركة نتابع الأخبار على الشاشات المختلفة.

ما هو تأثير الأحداث الجارية في فلسطين على الأطفال؟

يتأثر الأطفال خصوصاً الصغار بالأحداث بحسب تأثر الأم. فيعكسون نفس المشاعر التي تشعر بها وتظهرها الأم. لذلك من المهم عدم مشاركة الصور ومقاطع الفيديو مع الأطفال بين عمر 4 إلى 10 سنوات، واستبدال ذلك بمشاركتهم الأحداث بدقة وواقعية، كوني أنت المصدر الرئيسي للأخبار لطفلك في هذا العمر. وقومي باستغلال الموقف لتعريفهم على تاريخ القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني والظلم الذي تعرض له. من خلال رواية التاريخ عن طريق قصص أو بأسلوب مبسط حسب عمر الطفل وقدراته الاستيعابية.

أما بالنسبة للفئة العمرية الأكبر والذين يمكنهم متابعة الأحداث من خلال شاشات أجهزتهم الإلكترونية، فهم من الفئة العمرية الأكثر تأثراً بالأحداث. لذلك من المهم متابعة الفترة التي يتعرض لها الطفل لهذه الأخبار، ومراقبة المحتوى الذي يشاهدونه عبر الانترنت عن الأحداث. لذلك احرصي على التحدث مع أطفالك باستمرار وامنحيهم القصة الكاملة بعيداً عن التركيز فقط على الجانب المأساوي الحالي. وأخبريهم أن هذه الأحداث حدثت سابقاً، وأنها ستنتهي كما انتهت سابقاً.

يشعر الأطفال بالغضب جراء معرفتهم لما يجري خصوصاً الذكور. لذلك من المهم مساعدتهم على إدراك الشعور الذي يشعرون به. تحدثي مع طفلك، واسأليه عما يشعر به وأخبريه أن هذا غضب وهو شعور سلبي، وطبيعي، ولكنه عليه التخلص منه وتفريغه بشكل إيجابي. وأفضل طريقة لتفريغ هذا الشعور هو ممارسة الرياضة، والجري والقفز.

الشعور الآخر الذي يسيطر على الأطفال خصوصاً البنات هو شعور الحزن الشديد الذي يؤدي إلى البكاء. اسمحي لطفلتك بالبكاء، والتحدث عن شعورها. مكان شعور الحزن هو القلب، فأخبريها أن تضع يدها على قلبها، ثم اطلبي منها أخد نفس عميق وإخراج هذا الشعور مع الزفير، واستبداله بشعور بالإيمان والأمل. ومن ثم شجعيها على القيام بعمل فعلي مثل الدعاء، أو كتابة رسالة إلى أطفال فلسطين، أو التبرع بمبلغ من مصروفها لجهود الإغاثة الإنسانية، أو التبرع بشيء عيني من أغراضها لأطفال فلسطين. ثم شجعيها على الشعور بتقدير الذات لقيامها بهذا العمل.

كيف يمكننا نحن كأمهات أن نستغل هذه المحنة لتربية أطفالنا بشكل إيجابي

-استغلي هذه الأحداث المأساوية التي أعادت القضية الفلسطينية للصدارة، وجعلت منها موضوعاً ساخناً، يشعل فضول الأطفال، لتعريف أطفال بتاريخ القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني. ونمي ثقافتهم بشكل إيجابي من خلال القصص والبرامج الوثائقية والكتب التاريخية. ففي الأوضاع الاعتيادية قد لا يكون لدى طفلك الفضول والأسئلة الكافية وقد لا يكون لديك الشغف اللازم لتعليمهم وتثقيفهم عن فلسطين وتاريخها، وقضية شعبها العادلة.

-تحملي أسئلة أطفالك وجاوبي عليها واحرصي أن تكوني أنت مصدر معلوماتهم الأول. سيسأل أطفالك أسئلة ساذجة في هذه المرحلة: مثل لماذا لا يغادر أهل غزة ويختبئوا في مكان آمن! وغيرها من الأسئلة البديهية عن القضية الفلسطينية. تقبلي أسئلة طفلك ولا تصديه، ولا تتهميه بالجهل، وجاوبي بأجوبة حقيقية وواقعية تغطي الجوانب التاريخية والسياسية للموضوع. لا تقللي من قوة إدراك طفلك وتحوري الحقائق وأخبريه إياها كما هي ستتفاجئين بقوة وعيه وإدراكه. احرصي ألا تقدمي أجوبة محبطة، واحرصي على إضافة الأمل والإيجابية لسردك للأحداث والوقائع.

-أكدي على أهمية أن يكون لأطفالك دوراً إيجابياً في المستقبل لنصرة أهل فلسطين وغيرهم من المظلومين حول العالم. من المهم ألا تركزي فقط على تفوق الأبناء وتجريده من لعب دور مؤثر وإيجابي في الحياة. إذا كان طفلك يريد أن يصبح طبيباً من المهم أن يكون هدفه سامي وأكبر من فقط الحصول على الراتب والشهرة، عليه أن يسعى لتخفيف آلام الناس ومساعدتهم، والتأثير بشكل إيجابي في المجتمع. وإذا كان يريد أن يصبح محامياً عليه أن يسعى لنصرة المستضعفين وإعلاء كلمة الحق. وإن أراد أن يصبح كاتباً عليه أن يكتب الحقيقة وينصر القضايا العادلة.

-أخبري أطفالك أن أسلوب نصرة القضايا العادلة اليوم هو من خلال الكلمة ولكي تصل الكلمة يجب أن يكون صاحبها محترماً وله قيمة وتأثير في مجتمعه. وشجعيهم على صناعة محتوى إيجابي عن تاريخ فلسطين، والفن الفلسطيني من تطريز وغناء، وعن المطبخ الفلسطيني، فهذا أفضل أسلوب لدعم أهلنا في فلسطين.

من المهم تعديل الأهداف التربوية في هذه الظروف وأن نوجهها لنربي جيلاً إيجابياً قادر على نصرة أهلنا في فلسطين بعلمه، وإنجازه وتميزه.

 

تعرفي على مبادرة خط آمن لتقديم الدعم لأمهات وأطفال فلسطين


انضمي للنقاش