يعتبر التعامل مع الطفل العنيد تحدي يواجه الأهالي خصوصًا الأم التي تتحمل مسؤولية التربية في المنزل ومهام أساسية مثل الاستحمام، وتناول الوجبة والنوم، هل تجدين التعامل مع طفلك عبارة عن معارك صغيرة طوال اليوم؟ كيف تتعاملين مع رفض الطفل للاستحمام؟ وما هي طريقة حل مشكلة رفض الذهاب إلى النوم؟ كثيرًا ما يقع الأهالي في خطأ يعزز سلوك الطفل العنيد بالاستسلام لنوبات الغضب واعتبارها عنادًا. لكن الحل لدينا، تعرفي معنا على الطريقة العملية والمجربة والتي نجحت في التعامل مع الطفل العنيد.
أفضل طريقة عند التعامل مع الطفل العنيد هو أن يفهم الطفل أن هذا الأسلوب لن ينجح معك
انتبهي لسلوك الطفل الجيد وأثني عليه، أما في حال أبدى سلوكًا عناديًا وتحوّل الموقف على نوبة غضب، فستجدين هنا طريقة التعامل مع الطفل العنيد، وهي بالتأكيد عدم تلبية طلبه لأنه يصرخ أو يبكي!
هل هذه الصفات تعتبر عناداً؟
ليس كل تصرف يعتبر عناد، فمحاولة ممارسة حرية الاختيار لا يعتبر من صفات الطفل العنيد، فهو يعني أن طفلك قوي الإرادة، وغالبًا يدل الإصرار على أن الطفل مبدع وذكي فهو يدرك الاختلاف والتفضيلات الشخصية ليختار وعليك أن تكوني فخورة بطفلك العنيد! كما أن طرح الأسئلة الكثيرة والاستفسار لا يعني التمرد؛ بل الإدراك لما حوله، وعلى الأهل تعزيز هذه الصفة في الطفل.
أما خصائص شخصية الطفل العنيد فهي
1-يبحث عن جذب الانتباه دومًا.
2-العزيمة والتصميم لفعل ما يحلو له وقد يتحول إلى نوبة غضب في أكثر المرات.
3-يحمل صفات قيادية كأن يكون “متسلط \ متحكم” ويحب القيام بالأمور بترتيب معين دون الإخلال به.
كيف أعرف الفرق بين الإصرار والعناد؟
الإصرار أو العزيمة هي الثبات على الهدف وهو شيء إيجابي، أما العناد فهو إصرار لا يتزعزع لفعل شيء ما أو التصرف بطريقه معينة رافضًا تغيير سلوكه مهما كان الضغط الخارجي الذي يتطلب ذلك.
واختلف العلماء إذ يمكن أن يعتبر العناد سلوكًا وراثيًا أو مكتسبًا بسبب التأثيرات البيئية مثل التجاوب لنوبات الغضب، والاعتياد على التجاوب معه دومًا، لكن في كلا الحالتين هناك حل يعتمد على ردة فعل الأهل تجاه العناد.
نصائح من أجل التعامل مع الطفل العنيد
1-الاستماع الجيد
التواصل يتطلب طرفين دومًا، وليستمع طفلك لك عليك أولًا الاستماع جيدَا لرأيه وتعزيز السلوك الإيجابي والرأي الجيد، فالطفل العنيد يميل للجدال وإذا استمعت بصبر سيتعلم الحوار الفعال بعكس التجاهل الذي ينمي شعور التحدي والإصرار على الخطأ.
حاولي إجراء محادثة مفتوحة حول ما يزعجه وإقناعه بالحوار. مثلًا طفلك يرفض تناول طعامه، اسأليه عن السبب؟ ما الذي يشعر به؟ ومتى ترغب بتناوله؟ وستجدينه يتناول وجبته بنفسه بعد أن شعر أنكِ تستمعين له وتتفهمين إحباطاته الصغيرة.
حتى الأطفال الأصغر عمرًا الذين يبدون غاضبين دون التعبير بالكلام يمكن الاستماع لهم بالحضن والاقتراب والتعاطف وكلمات مثل: أنا أفهم شعورك، أنت تشعر بالانزعاج وترغب بأكل الأيس كريم، لكن علينا تناول الغداء الآن وأعدك أن تأكله بعد الغداء!”
2-التواصل لا الإجبار
عندما تجبرين الطفل فسيتحول سلوكه إلى عناد وتمرد، فلديهم نزعة للرد العكسي حين يشعرون بأن عليهم فعل شيء عكس رغبتهم مما يصعب الأمر.
لن يساعدك إجبار طفلك على إغلاق التلفاز لأن موعد النوم اقترب، بل استخدمي فن التواصل مع الأبناء وأسلوب للحوار معه بإبداء الاهتمام بما يشاهده، اسأليه عنه ثم أخبريه بأن وقت التلفاز انتهى سيغلق التلفاز بنفسه بعد أن شعر أنه تواصل معك. اتخذي الخطوة الأولى للتواصل مع طفلك، تحدثي معه واحتضنيه وشاركيه الحوار باهتماماته وسيستمع لك حتمًا!
3-قدمي له الخيارات
أن تقدمي لطفلك أكثر من خيار يشبع غريزة حرية الاختيار لديه والتي يتمتع بها الطفل الذكي -والذي يعتبره البعض عنيد، فلو طرحتي التوجيهات كأمر حتمي سيرفض حتمًا؛ بل وجهي الأمر وكأنه اختيار مثل قول هل ترغب بقراءة القصة هذه أو هذه قبل النوم، وسيتجاوب مع روتين النوم من نفسه.
لن يلتزم طفلك بسرعة، لكن حافظي على هدوءك ووضحي أن عدم النوم ليس من الخيارات المطروحة، كرري الجملة بهدوء وبنفس النبرة وسيستسلم في النهاية.
من الدير بالذكر أن كثرة الخيارات ليس نافعًا مثل الاختيار من دولاب الملابس كاملًا، لكن حددي مجموعة من طقمين او ثلاثة للاختيار.
4-حافظي على هدوءك
الصراخ على صغيرك سيحول المحادث العادية إلى مجادلة لا تنتهي، قد يتعلم من أسلوبك الهجومي وستتحول المحادثة على معركة، لذا الحفاظ على الهدوء سيساعد طفلك على فهم وإدراك حاجته لاتباع أمرك.
مارسي تمارين التأمل، الاستماع إلى الموسيقى، والرياضة لتشعري بالهدوء، والحيلة التي ساعدتني لتفادي الصراخ هو تشغيل موسيقى هادئة فالمنزل أو في سماعاتي الخاصة فأشعر بالاسترخاء وعدم الرغبة بالصراخ، وبلا شعور سيتعامل أطفالك معك بهدوء طالما حافظتي على هدوءك بعدم الصراخ عليهم.
5-بادليهم الاحترام
لا ترغبين أن يرى طفلك أنك متسلطة، لذا كوني نموذج للاحترام في العلاقة:
-اطلبي العون منهم، ولا تصري في إصدار التوجيهات.
-ضعي قواعد وقوانين لما ترغبين جميع أطفال بالقيام به، ولا تدعي أحدهم يفلت دون مهمة.
-تعاطفي مع مشاعرهم وأفكارهم، وتجاوبي معها.
-لا تتحملي مسؤولية تلبية رغباتهم، فيمكنهم القيام بها بأنفسهم وذكريهم بأنك واثقة من قدرتهم.
-قولي ما تقصدينه، والتزمي بما تقولينه دون كذب أو مراوغة.
-أنت قدوتهم فتعاملي معهم بأحسن صورة.
6-شاركيهم المهام
الأطفال العنيدون غالبًا أقوياء شخصية وحساسين لطريقة تعاملك معهم، لذا اهتمي بنبرة صوتك ولغة جسدك عند التفاعل معهم، فعدم راحتهم تجاه سلوكك ينقلب عكسًا بالتمرد والرفض.
شاركيهم المهام بدل إملاء ما يجيب عليهم فعله، استخدمي جمل مثل : ” دعونا فعل هذا.. ماذا لو نجرب ذلك..” بدلًا من هيا قم بهذا، وأريدك أن تفعل هذا.
استخدمي أنشطة ممتعة لإنجاز المهام مثل أن تناديه بالمساعد الخاص، أو ابتكار تحدي لمن سينتهي من رفع الألعاب أسرع في صندوقها المناسب.
7-التفاوض
من الضروري في بعض المواقف التفاوض، فهم ينزعجون أكثر في حالة عدم منحهم فرصة التعبير، وطرح الأمر للنقاش يشعرهم بأنهم كبار خصوصًا عند التعامل مع المراهقين.
اسأليهم عن شعورهم وامنحيهم الفرصة للتعبير والتفاوض، وهنا مثال لحوار: “ما الذي يزعجك في حل الواجب الآن؟ هل هناك شيء مهم آخر ترغب به الآن؟ متى تريد إنجاز مهمتك؟ لديك حتى الساعة السابعة لإنهاء الواجب اليوم والأمر عائد لك متى تقوم به. هل ترغب أن أذكرك بعد نصف ساعة؟ لكنني لن أصر عليك وأكرر الأمر أكثر من مرة لفعله فأنت مسؤول عن هذه المهمة”.
8-خلق البيئة الملائمة في المنزل
يتعلم الأطفال بالملاحظة والتقليد، فاحرصي أن يكون منزلك خالي من الجدال، فالخلاف الزوجي بيئة مرهقة للأطفال، وعلاقتك مع زوجك تؤثر حتمًا على حالة الأطفال المزاجية وسلوكهم. وفقًا للدراسات العليمة قد يؤدي الخلاف الزوجي إلى الانسحاب الاجتماعي وحتى العدوان عند الأطفال.
9-فهم رأي طفلك
لفهم سبب سلوك طفلك، حاولي فهم وجهة نظره للموقف، ضعي نفسك مكانه، فكلما فهمتي طفلك أكثر تفهمتي سبب عناده وتفاديتي الوقوع في موقف يسبب جدل بينكم.
تعاطفي مع إحباطاته الصغيرة، وساعديه لإيجاد الحل بدل من تفادي المشكلة كلها بالإجبار، إن كانت كمية الواجبة تشعره بالتوتر، حددي الواجبات الأهم وقسميها إلى مهام أصغر. علميه أسس حل المشكلات بالحوار. فحسب كتاب “The Wole Brain Child” دماغ طفلك لا يزال قيد النمو ولا تكتمل أركان التفكير والتحليل حتى عمر الـ 21، ما يحتاجه طفلك هو توجيهك إلى أن يصل إلى سبب المشكلة، وإدراك الشعور والحديث معك للتعبير عن قلقه، وسيجد الحل حتمًا إن وجهتيه إليه بهدوء.
10-تعزيز السلوك الإيجابي
أكثر خصائص الشخصية العنيدة هي البحث عن الاهتمام ولفت الانتباه! لذا الحل بالتأكيد هو بتعزيز السلوك الإيجابي والثناء عليه بدلًا من منحه الاهتمام فقط في حالة السلوك العدواني والسلبي. فأنتِ تعلمينه أنك تستمعين له فقط عندما يصرخ ويبكي أو يضرب!
حوّلي كل موقف من سلبي إلى إيجابي. على سبيل المثال، هل يقول طفلك “لا!” ردًا على كل ما تقولينه تقريبًا؟ فكري في الأمر – هل تقولين “لا” كثيرًا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فأنت تعززين السلوك السلبي بالقدوة.
إحدى الطرق لتغيير ردود أفعال طفلك السلبية هي لعبة “نعم”، وهي استراتيجية ذكية أوصت بها أخصائية العلاقات الزوجية والأسرة سوزان ستيفلمان.
عند لعب هذه اللعبة، يجب أن يقول طفلك “نعم” أو “لا” لكل شيء. اطرحي أسئلة مثل “أنت تحب الآيس كريم، أليس كذلك؟” “هل تحب اللعب بألعابك؟” أو “هل تريد معرفة ما إذا كان ديناصورك يطفو في حوض الاستحمام غدًا؟” غالبًا ستحصلين على “نعم” من طفلك. كلما استجاب طفلك بشكل إيجابي، زاد احتمال شعوره بأنه يتم سماعه وتقديره.